ستمطر السماء حرية في يوم ما ولن يغرق إلا الظالمون ، إختر الرفيق الذي يتحمل مناخك السيء و طقسك البارد ، و الذي يفهم أن عصبيتك ليست بطبع ، و نكدك ليس بنكدة وعتابك ليس إفتعالا للمشاكل ، فأصبر لأن الله لن يخذلك ، هذه آخر كلمات صديقه جاسم ، الذي إلتقاه كعادته في مقهى العم 'محمود الطربوش' ، لكن هو دائما كان يشعر بأن حياته قد أوشكت على الإنتهاء وكأن وحدته وبعده عنها يجعله تحت مقصلة الهموم التي تطارد خياله دائما. الساعة تشير إلى الواحدة صباحا ، وقت الليل اصبح طويلا ، وحيدا بين تلك الجدران التي رسمت أحزانه و افراحه عليها ، و الأرق يكسر قلبه الذي قد تحطم. مرات عديدة و لم يُسمع له صوت إلا هو ، غاب عن خاطره النوم، وطال الليل كطريق ارصفته تماثيل لها و بساطه صورها لأنه تعود عليها ، نهض من فراشه متجها بخطا متثاقلة منحني الرأس اشبه بمن يتجه إلى قبره دون موت ، فتح نافذة غرفته ليرى قمرا منيرا ، نظر إليه نظرة وكأنه اعمى لينحني على جانب النافذة و ويتذكر ما قال لها في إحدى رسائله على الماسنجر " انت سر جمال القمر حتى لو تشاءمت النجوم من حولك" ، هنيهة ليغلق النافذة و يعود إلى مكتبه الخشبي الذي شهد كتاباته التي سرقت ضوء الليل و جمال النهار وكل خرافات الدهر واحجياته ، والذي يبدو كمتجر للخردوات قد هجره الزبائن ... يتبع