لم تصادفني سيرة عظيم من العظماء الإ وكان مُترفع عن الوطنية ولهو الحدود الجغرافية، لطالما أرتبطت المعرفة الواسعة بِسعة الروح والقلب قبل النقطة الجُغرافية أتوقف هنا واتدبر واُعاهد نفسي على ترك التعصب العِرقي والوطني ولكنني أحن وتشملني دائرة الوله للديار، أيكون ديار المرء أمتحانه؟
اللهم إني اتبرأ من تعصبي وتشددي ونواحي وتعلقي بأرضك البالية التي لا تساوي جناح بعوضة لديك، اللهم أبدلني خيرًا منها في جناتك.
﷽
مدني حٌرة
بعد معارك قويّة أعدت لها القوات المسلحة السودانية لأكثر من عام٬ اليوم تمكنت -بفضل الله وحده- من الانتصار على مليشيا الدعم السريع واستردادها بالقوة العسكرية مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة.
الحياة لا ترحم، ولا تترك للإنسان فرصة ليحمل في قلبه كل ما يتناثر على دربه من آلام وأحلام مكسورة، كيف يستطيع أن يسير في الحياة بأقدام مثقلة بأحزان الماضي، بينما يحمل في ذهنه أشواقًا وأمانٍ لا تتحقق؟ كيف يمكنه أن يتنفس بحرية وهو غارق في تمنيات مستحيلة وأشواك من التجارب التي لا تترك له مساحة للراحة؟
ليس للإنسان طاقة على حمل الأوجاع المتراكمة داخله كالجبال التي لا تنقض، أو السموم التي تتسرب إلى عروقه ونتيجتها تصبح الحياة عبئًا ثقيلًا، كل خطوة فيها تجره إلى مزيد من الإنهاك، وكل لحظة تمضي تصبح مسرحًا لعرقلة طريقه.
فالإنسان مهما بلغ من القوة والصلابة، لا يستطيع أن يظل يحمل تلك الأثقال إلى الأبد، وفي النهاية، قد يصبح قادرًا على السير ولكن ليس على الحياة، ويظل في حالة من الصراع الداخلي، يبحث عن الأمل دون أن يجده، ويرنو -يتطلع بشده- إلى الشفاء دون أن يشعر به.
ولكن، هناك لحظة حاسمة يحتاج فيها الإنسان أن يتوقف، أن يتوقف عن الركض في محيط آلامه وأحلامه المستحيلة، ليأخذ نفسًا عميقًا، ليُخرج من نفسه الشوائب التي تسكنها فيُزيل عثرات الماضي ويضع ما يمكنه تحقيقه. إن للسلام الداخلي طُرقًا شائكة، ولكن أولها أن نسمح لأنفسنا بالتحرر من قيود الماضي وآلامه. أن نتخلص من الأثقال التي تمنعنا من السير بحرية، وأن نمنح أنفسنا تلك الفرصة للتنفس دون أعباء.
لا بد له من تلك اللحظة التي يطفئ فيها ضوء القلق عما فات ويغلق أبواب التوقعات -المستحيلة- التي تؤلمه، لتكن لحظة التوقف هي بداية انطلاقة جديدة، تصالح فيها مع نفسك، وتحررها من كل ما يعوقك، فتتعافى من ماضٍ مؤلم وتتركه لا تجره خلفك، وتسعى لما يتوافق مع واقعك لتعيش الحياة في سلام واطمئنان.
ونعوذُ به مَن أنْ ندَّعيَ العلمَ بشيءٍ لا نَعلمه، وأَنْ نُسَدِّيَ قولًا لا نُلحمه، وأن يكونَ سبيلُنا سبيلَ مَنْ يُعْجبه أنْ يُجادل بالباطلِ، ويُموِّه على السامع، ولا يبالي إذا راجَ عنه القولُ أن يكونَ قد خلَط فيه، ولم يُسدَّدْ في معانيه.