-ولكنها ساذجة!!
=ومن قالَ أنها ساذجة؟!
-أفعالها تُبرهِن على ذلك؛ تُحب الناسَ جميعًا، وتُصدِّقهم سريعًا، وتبوحُ لهم بأسرارِ حياتها من أولِ لقاء. تُعطي بلا مُقابل، وتغفِر لمَن خذلها بلا حساب، وتعفو عمَّن أوجعها، ولا يُطاوعها قلبها البتَّة أن تدعو على مَن ظلمها، أليس ذلك بسذاجةٍ وغباء؟!
= يا سيدي مهلًا... إنَّ التي يهبها ربها صفاتٍ مثل هذه؛ وجب على البشر أن لا يحسبونها منهم؛ فتاةٌ كهذهِ لعلَّها نزلت من السماء عن طريقِ الخطأ.
يا سيدي، إن للَّه عبادًا طيبين خلقَ لهم طيباتٍ يأنسوا بهنَّ، ويسكنوا إليهنَّ، مبرَّؤونَ مِن التلونِ والزيفِ والخداع.. فتِلكَ التي نسبتَ إليها الغباء لم ولن تكون أبدًا ساذجة، بل قُل بملءِ الفم بكُل يقينٍ وثِقة وعلى مسمعٍ ومرأى من العالم: "أنها طيبة"، نعم، طيبة تُسامِح في حقها، وتتنازل في الخير عن نصيبها، وتُهمِل مِن أجل الآخرينَ نفسها، وتتغاضى عن الزلاَّتِ مِن أجل الودِّ والمعروف. ليست ساذجة أبدًا، بل هي تعي تمامًا ما تفعله؛ ففطرتها البريئة وعفويتها المُطلقة تُجبر الطفل الساكن داخلها على العطاء دون مُقابل، والبذل بكُل ما أوتيَت مِن حُب دونَ انتظارٍ لشُكرٍ أو ثناء، فلذتها تكمُن في ذلك.
يا سيدي، فتاة مثلها تفرح لغيرها كأنها هي، وتألَم لمُصاب غيرها وكأنه أصابها هي، وتتمنى الخير لغيرها وإن حُرمَت منه هي؛ وبرغمِ ذلك تأذَّت قدر ما تأذَّت ولا زالت تحمل قلبًا طاهرًا لا غِلَّ فيه ولا حقدٍ على أحد، فكيف تُتهم بالسذاجة هكذا؟!
إنَّ طيبتها يا سيدي ليست عيبًا يُذَم، بل ميزةً تُمدح، ولا ذنبًا لا توبة لها منه، بل فضيلة تُحسب لها لا عليها، ونعمة تستوجب الشُكر، وفضلًا يستحق الثناء...
يا سيدي، كونها باقيةً على طُهرِها في زمنٍ كثُر فيه الخبث؛ كونها طيبةً بالفطرة السليمة التي فطرَ اللَّه الناس عليها. كونها نقيَّة سيدي إلى الآن رغم ما ذاقته من فُقدانٍ وخِذلانٍ وألم وما زالت تُعطي؛ كونها ستحيا طيبةً كما خُلِقت، وتُقبَض طيبةً على ما عاشت عليه، وهذا فضلُ اللَّه يؤتيه من يشاءُ من عباده.
يا سيدي، تاللَّهِ ليست بساذجة، ولكنها طيبةٌ للحد الذي جعلها لم تُصادف الطيبين بعد! :))
- أحمد عبداللطيف