ركضت نرجس كالمجنونة، لا تفكر، لا ترى، لا تسمع سوى ضحكتها الهستيرية التي تتردد في عقلها كصدى أجوف. قدماها حملتاها إلى زقاق ضيق معزول، بالكاد يصل إليه ضوء الشارع. الجدران العالية أحاطت بها كقبر مفتوح، والرطوبة الثقيلة خنقت أنفاسها.
توقفت، ما زالت تضحك، لكن الضحكة بدأت تضعف… تتلاشى… تتقطع بين شهقات مختنقة، حتى لم يبقَ منها سوى أنين مرتجف. ثم، دون سابق إنذار، انفجرت في البكاء.
سقطت على ركبتيها، يداها تغطيان وجهها المرتعش، وجسدها كله يرتجف كنبتة يابسة في مهب الريح.
: لماذا… لماذا أنا هكذا؟
خرج صوتها ضعيفًا، مهزوزًا، كأنها تناجي الفراغ. عقلها كان ساحة معركة، أصوات متداخلة تتصارع، تصرخ، تهمس، تضحك بجنون، تتهمها، توبخها، تذكرها بما فعلته، بما كانت عليه، بما أصبحت عليه.
: أنا… لم يكن يجب…
نظرت إلى يديها، ما زالت تشعر بملمس جلده، بحرارة أنفاسه الأخيرة، بذلك الرجفان الذي خمد تحت أصابعها.
: لا… لا…
ارتجفت شفتاها، ثم أطلقت صرخة ممزقة، وضربت رأسها بالحائط بقوة، كأنها تحاول طرد الذكريات التي تنهش عقلها. لم تشعر بالألم، لم تهتم بالدم الذي بدأ ينزف من جبينها.
ثم عادت الضحكة… مشوهة، متقطعة، تمتزج بالبكاء، وكأنها لم تعد تفرق بين الحزن والجنون.
https://www.wattpad.com/story/390504889?utm_source=android&utm_medium=link&utm_content=share_writing&wp_page=create&wp_uname=EmanMahmoud01