كان بينهما خيطٌ خافت من دفءٍ لا يطفئه الألم، يشبه جمرةً تتشبّث بالحياة في آخر الرمق. وفي تلك السكينة الثقيلة، بدا وكأن العالم كله توقف ليمنحهما لحظة يعترف فيها القلب بما عجزت عنه الأيام: أن بعض العلاقات تولد لكي تصمد في الجراح، وتبقى حتى في اللحظات التي ينهار فيها كل شيء.
كنت أشعرُ بمشاعر الفوضى منذ الصباح الباكر وذلك إنعكس على المكان الذي أنا فيه، غرفتي، رغم انني دومًا ما أحرص على ترتيبها حتى لا تسبب مشاعر سلبية هي الآخرى لكن ليلة البارحة كنت مُنهمك ومُنهك ايضًا ولم أجد فرصة لفعلها، وأدركت الآن وبعد ترتيبها كليًا ان المكان الذي أنت فيه يؤثر جدًا على الأفكار، كانت مشاعر الفوضى هذه بسببها وبشكل كبير، خاصةً الأوراق الكثيرة المبعثرة على المكتب والسرير والأرض ايضًا مما لم التقطه.. كانت رؤيتها هكذا يسبب الإزعاج بالنسبة لي لكن أجلتُ ذلك والتأجيل هذا أثر ايضًا على المزاج العام
جربت العدسات اللاصقة اليوم ولم أعتد على وجهي بلا نظارات، رغم انها كانت سهلة ومريحة لكن اشعر بأن النظارات اصبحت جزء لا يتجزأ مني وبدونها اشعر ان وجهي خاوي وبلا دفاعات، الفكرة غريبة لكنها راودتني
انه مثل ان انظر للمريض وانا اعرف انني ارتدي نظارات بمعنى هنالك شيء امام عينيّ بينما بدونها أشعر أنني انظر مباشرة نحو عينيه بلا حاجز، كأنني استطيع اختراق روح هذا الشخص فقط بالنظر اليه بلا نظارات وبلا حواجز