روح مُرهقة

-انا طبيب نفسي ابلغ من العمر 41 سنة ، قدمت الي مريضة لازلت الى الان اتذكر غرابة تصرفاتها وسبب قدومها الي ، بالطبع تريدون معرفة ما خطبها !
          تدعى ليندا ، قدمت للعلاج بعد ان تم تشخيص حالتها بالجنون ، كانت دائماً ما تقول انها سوف تختفي بعد شهر وحين اسألها كانت تقول انها عادت بالزمن لتجعل من والديها يلغيان عقد زواجهم ، كانت تعدي الايام وانا احاول علاجها وكانت تقلل من مدة اختفائها ، سوف اختفي بعد اسبوع ، ستة ايام ، خمس ايام ، اربع ايام ، ثلاث ايام ، يومان ، يوم ، في اخر مرة قدمت الي قالت انها سوف تختفي بعد يوم ومن خوفي عليها اعتقدت انها قد تؤذي نفسها ، طلبت من المستشفى ان يضعها في غرفة منعزلة حتى ينتهي اليوم واعرف ما خطبها ! نهظت صباحاً لأذهب اليها لأكتشف انه لا يوجد مريضة تدعى ليندا من الاصل !! هل انا المجنون الان ؟

-دائما اشعر ان هنالك احد معي اسمع اصوات مربكة وارى خيالات غريبة اشعر ان احد يراقبني  ولكنني تغلبت على الخوف عندما اقنعت نفسي انها مجرد تخيلات لا اصل لها 
          انا فتاة تحصيلها الدراسي للاسف سيء ، في يوم الاختبار حصلت على علامة جيدة نوعًا ما وقررت والدتي سؤالي عن الاختبار الذي قمت به وحينها اخبرتها بنتيجتي التي لا يجب ان اقول عنها سيئة ولكن ردة فعلها حطمت كل امالي ، ذهبت لغرفتي وبدأت بالبكاء وحين هدأت ذهبت لأستحم وجلست في البانيو لفترة من الزمن ، في اثناء هطول المياه على ظهري شعرت وكأن يد تتسلل لجسدي وتتلمسه بكل اريحية ! خرجت من الحمام سريعًا وارتديت ثيابًا وغططت في نوم عميق وفي اثناء نومي راودني كابوس مرعب ! رأيت فيه رجل سأسميه (الاسود الطويل) كان يقوم بطقوس مرعبة والغريب انني لا زلت اتذكرها ..
          في تلك الاثناء استيقظت وبقيت انظر الى الثرية المعلقة بغرفتي ، بدأت الشمس ترتفع ببطء معلنةً صباح جديد ، ذهبت الى الخارج وحينها رأيت ذلك الرجل (الاسود الطويل) صدمت فالبداية لأني اعتقدت انه مجرد كابوس فكيف له ان يظهر الان ! بكل رعب احضرت والدتي ، كانت الساعة الخامسة فجرًا وبكل هدوء ردت : لا احد هنا ..

-انا فتاة جميلة لديها جسد متناسق ولديها عائلة تحبها واجتماعية تمتلك اكبر عدد من الاصدقاء ، حسناً هل اعتقدت ان هذه هي حياتي ؟ كلا انا عكس كل ما كُتب ، امي مريضة وتحتاج زراعة قلب ، والدي توفي وجعل الديون تتراكم على ظهري انا وامي ، في يوم من الايام وجدت والدتي متعبة واخذتها للمستشفى ووجدت طبيباً مرموقاً قد كشف عليها ، احببته واحبني ، وعدني بأنه سوف يقوم بعملية الزراعة لوالدتي ، كبرت على امل ان تشفى ، كان يستطيع عمل العملية لها في اي وقت ولكن يجب ان يجد قلباً ، هذا ما قاله لي او بالارجح هذا ما ادّعاه ، للأسف غدر بي وحين وجد قلباً قدمه لشخص من طبقة اجتماعية اعلى منا ، بسببه توفيت امي ، عدت اليه بعد ست سنوات بغية الانتقام منه ، كانت زوجته حاملاً وكنت انا من سيقوم بعملية لها ، بالطبع ماتفكر به صحيح ، قمت بقتلها عمداً هي وابنتها ، لأجعله يشعر بالحرقة على زوجته مثلما حزنت على امي

-لم اعتقد انني قد اتجرأ على فعل هذا واسلب منه روحه ، ولكن قد سلب مني روحي اليس هذا كافيًا ؟
          بعد عدة طعنات تساوي 36 طعنة قام ذلك المُرعب بعد ان اقتلع عين والده القابع اسفله .
          قام احدهم بقتل عجوز اثناء نومه ولم يكن داخل المنزل سوا اربعة من ابنائه والبقية لم يستطيعوا القدوم بسبب حظر التجول ! 
          نعم ياصديقي تم قتله وهو نائم باستخدام السكينة ، سالت الدماء على السرير حتى بدأت بالنزول الى الارض مما تسبب في حدوث بركة حمراء اللون ، طلب الابن الاكبر من الشرطة القدوم بعد ان تم كسر الباب واكتشاف الجريمة التي حدثت وهكذا بدأ الشرطة بالتحقيق ، كيف استطاع المجرم قتل الضحية بعد ان تم توضيح ان الغرفة كانت مغلقة من الداخل والمفتاح الوحيد كان بداخل درج ابيه ؟ وايضًا لم يكن هناك مدخل داخل الغرفة سوا من الشرفة والتي يبلغ ارتفاعها خمسة عشرة مترًا ! 
          الفتاة اتدعت انها كانت تستحم في اثناء وقوع الجريمة ولديها الشاهد والذي هو اخيها حيث كان بجانب دورة المياه وكان يحدثها ايضاً 
          الاخ الاكبر كان بقرب اخته 
          الاخ الاوسط كان قد ذهب الى حديقة الحي
          الاخ الاصغر كان في غرفته على هاتفه 
          من تعتقد ان يكون الكاذب وكيف تم تنفيذ الجريمة

-ذهبت تلك المريضة وملامح الاستنكار على وجه طبيبها ، يعلم ان خلف هذه الفتاة قصة غير عادية ، هي ليست مجرد فتاة تم تشخيص حالتها بالجنون ، هي بكامل قواها العقلية ، يريد ان يكمل معها لعله يجد الحلقة المفقودة -قبل ان تبدأ معي القراءة يجب ان تعلم عزيزي القارئ ان ما سنتحدث عنه الليلة هو عن كيفية ولادة احد من العالم الموازي لنا ، نعم الجن ! 
          انهم مخلوقات خلقها كاتب هذه الحياة لسبب مهما تطلع البشر لمعرفته سيبقى سرًا مدفونًا 
          ان الجن غير مرئيين لنا وقد يكونون بجانبك ويقرأون ما تقرأه لذلك لا ترتعد لعل احدهم احضر صديقه حتى يضحكوا على حالك وانت خائف .
          اثناء هطول الثلوج على ذلك الكوخ المزين بالداخل من الشموع كانت تلك القاتمة تصرخ بشدة اثناء ولادتها ، لم يكن مولودًا عاديًا ! لم يخرج من رحم والدته بسهولة ابدًا ، حاولت المولدة اخراجه وقد اعتقدت ان تموت القابعة امامها ! مع كل حركة كان يرفس رحم والدته بغية الخروج لهذا العالم وكأنه يرى فيه حياته التي ربما تكون رائعة ، تسبب في نزيف حاد لها وكأنه لا يهتم لوالدته التي حملته تسع شهور كاملة ، وكل تفكيرها كان متى سوف ينتهي هذا العذاب ، تستطيع القول انها شعرت وكأن جزئها السفلي يسحق من قِبل ولدها وهذا ما جعلها تتنبأ بكون معاملته لها سوف تكون بقسوة خروجه من رحمها ، بعد عناء دام لعدة ساعات خرج ذلك الداكن ونظرات الرهبة تعتلي وجه والدته ، نعم لقد انتظرت تسع شهور حتى هذه اللحظة لقد كانت تريده سندًا لها ولكن يبدو ان الكتاب واضحًا من عنوانه ، وعلى فكرة انه ليس اي مولود ، انه ابن اكبر ملوك الجن.

-هل انت بخير ايها الغريب ؟ 
          لا ادري اشعر وكأن شيء من السواد طغى علي وسكن فِي واحضر معه كل احزان الدنيا ليتمكن مني اشعر وكأن جبلاً انهد على صدري وسكن فؤادي ، اشعر وكأن روحي سلبت مني ، اشعر وكأن وطني بات تراباً ياله من عذاب عميق ومرهق ، لا احد سوف يفهم ما اشعر به حتى يجرب ولكن لا يهم فلتذهبو للجحيم لكن سوف اتكلم لكم قصتي في احد الليالي الممطره استيقظت بعد ان راودني كابوس سيء ، نهظت لأرتشف بعض الماء ولكن وجدت اخي الاكبر ينظر لي بنظرة لا اكاد افهمها ، اشرقت الشمس وبدأ صباح جديد ، الان سوف ابحر واصطاد بعض السمك لأبيعه على سكان قريتي وسيأتي اخي برفقتي ، سماء سوداء مزينة بالنجوم وفي منتصفها القمر ، داخل سفينتي كنت اراقب الافق واستمع لنسمات الهواء وضرب ماء المحيط في بعضه ، اشتعلت النيران تصاعداً من المطبخ الى غرفة القبطان ، البعض نجى والبعض انتهى ، ها انا في نهاري الثالث داخل قارب اشبه بـ بانيو الحمام ، اصابني الجفاف والجوع ولوهلة ظننت انني قد اموت تحت اشعة الشمس التي طالما ماكانت تلهمني وتعطيني طاقة ايجابيه ، لمحت نظرات اخي لي ولم افهمها ، اقترب مني وضارباً رأسي باحد الخشبات السميكة ، بدأ بالتهامي وتقطيع لحمي ارباً ارباً ، شرب دمي وكأنه زجاجة خمر ، اغمضت اعيني بعد ان شعرت ان رأسي قد فصل عن جسدي ، عاد اخي الى القرية وقد تزوج بزوجتي تحت مسمى انه الاولى بها من بعدي ، هذه قصتي ولا احد يعلم بها سواي انا واخي وانت عزيزي القارئ .