فحتى لو رأيت المشيعين والموقعين بأم عيني يمسحون حبر التواقيع عن بصماتهم بالجدران وثياب المارة.
ولو انتشرت سياط التعذيب على حدود الوطن العربي كحبال الغسيل.
وعلقت المعتقلات في زوايا الشوارع والمنعطفات كصناديق البريد.
وسالت دمائي ودموعي من مجارير الأمم المتحدة.
فلن أنسى ذرة من تراب فلسطين، أو حرفاً من حروفها، لا لأسباب نضالية ووطنية وتاريخية بل لأسباب لاتزال سراً من أسرار هذا الكون كإخفاقات الحب الأول! كبكاء الاطفال الرضع عند الغروب.
لقد رتبت حياتي وكتبي وسريري وحقائبي منذ أيام الطفولة حتى الآن، على هذا الأساس. فكيف أتخلى عن كل شيء مقابل لا شيء. ثم إنني لم أغفر ضربة سوط من أجل الكونغو .. فكيف من أجل فلسطين؟
ولذلك سأدافع عن حقدي وغضبي ودموعي بالأسنان والمخالب.
سأجوع عن كل فقير،
وسأسجن عن كل ثائر،
وأتوسل عن كل مظلوم،
وأهرب إلى الجبال عن كل مطارد،
وأنام في الشوارع عن كل غريب . .
لأن إسرائيل لا تخاف ضحكاتنا بل دموعنا.
وقد يكون هذا زمن التشييع والتطبيع والتركيع، زمن الأرقام لا الاوهام والأحلام ولكنه ليس زماني. سأمحو ركبتي بالممحاة، سآكلهما حتى لا أجثو لعصر أو تيار أو مرحلة. ثم أنا الذي لم أركع وأنا في الابتدائية أمام جدار من أجل جدول الضرب وأنا على خطأ. فهل أركع أمام العالم أجمع بعد هذه السنين وأنا على حق؟
_مقتبس_
تدري يا عبد الله انه في فئة من النّاس يطلعون من القبر الى الجنة مباشرة من دون حساب و لا میزان او انها تشعر بأهوال يوم القيامة حتى؟
بحيث خازن الجنة سيدنا رضوان لما يستقبلهم يسألهم: "أنتم لم يُنشر لكم ديوان و لم يُنصب لكم ميزان كيف تدخلون الجنان؟"
فبيردو عليه: "يا رضوان نحن لا نقف لا لميزان و لا الحساب و لا لنشر ديوان، أولم تقرأ القرآن يا رضوان؟"
فيقول: "بلا أيٌ من القرآن أقرأ؟" (أيْ مِن أيِّ آية أنتم؟)
فيقولون: "{إِنَّمَا يُوَفِّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِساب}"
ليسأل: "و كيف كان صبركم؟"
فبيجاوبوه:
"نحن كنا إذا أسيء إلينا غفرنا
وإذا جهل علينا حلمنا
وإذا اِبتلينا صبرنا،
وإذا أعطينا شكرنا
واذا أذنبنا اِستغفرنا"
فيقول لهم خازن الجنة: "أدخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون"