22 |موحش|

8.5K 1K 529
                                    

دخل الطبيب مع عائلة لويس في المساء حاملاً بيده بعض الأوراق، نظر له لفترةٍ طويلة قبل أن يقول "دكتور لويس صحيح؟"

"لا.. أنا مهندس، لم أحصل على الدكتوراه بعد."
أجاب بجمود وعلق ديموس أنه خائفٌ أيضاً أن يكمل دراسة الدكتوراه على كرسي متحرك أكثر من خوفه أن يكون مدرساً عاجزاً أمام طلابه، ولكن لأني جربتُ شعور أن أكون طالباً ومدرساً فأظن أنه مستاءٌ بحق لأنه قد يعود لطلابه بهذه الحالة.

"أتمنى أن تحصل على الدكتوراه قريباً، سمعتُ أن الأشخاص الذين يملكون الدكتوراه بالهندسة لديهم منحٌ كثيرةٌ في حياتهم، أتمنى لكَ ذلك."

تلك المحادثة التي كانت تهدف لكسر الجليد وحسب لم تكن تعني أي شيء، الأمر الذي جعل لويس يقول بجمود "فقط أخبرني بالنتيجة."

"حين حصل الحادث فقد كان الاصطدام ضاغطاً على الجزء السفلي من جسدك، يتصل بالنخاع الشوكي أعصاب تتحكم بالأطراف الأربعة، والضغط على الأعصاب السفلية جعلها تتعطل عن العمل، العملية التي تُجرى في هذه الحالة نحاول بها إعادة الأعصاب للعمل، نتائج فحوصاتكَ أثبتت أن بعض الأعصاب تدمرت تقريباً، لا يمكن أن تعود لحالتها الطبيبعة أيضاً."

لم يتحدث لويس بأي كلمة وبقيت متجمداً بمكاني مما سمعته قبل أن تقول أمه بخوف "لن يستطيع استعمال قدميه مجدداً أبداً؟"

"أعتذر سيدتي.. بذلنا ما في وسعنا."

ربت على كتفها بخفة ثم توجه للخارج لتنهار أمه باكية وتمسكها أخته الصغرى بينما اقتربت الكبيرة لتضع يدها على كتفه وتحاول احتضانه ليدفعها بعيداً عنه بقوةٍ ويقول "اتركوني وحدي.."

"لويس.." قالت أمه باكية ليتابع بنفس النبرة الجامدة "اتركوني وحدي." خرجوا بترددٍ كبير لتقول أخته الكبرى قبل أن تغلق الباب "لن يُسمح لنا بالبقاء أكثر، سنعود للمنزل."

نظر نحوي وبدا على وشك الانهيار تماماً لأتنهد وأقول "لن أخرج."

"أريد البقاء لوحدي، أريد البكاء والصراخ، ألا يحق لي ذلك."

تنهدتُ بخفة وألقيتُ نظري من النافذة أراقب القمر المكتمل في الخارج.

َكان لدي الكثير من الأشياء التي أرغب بقولها، الكثير من الكلمات التي تعثرت على حافة حنجرتي، شعور فشلٍ ذريع راودني رغم علمي أني فاشلٌ بمواساة الآخرين ولكني رغبتُ بقول أي شيء ينقذ لويس، فعل أمر ما يساعده، ولكني كنتُ عاجزا للغاية حتى وأنا أسمع شهقاته التي يحاول كتمها، ووجدتُ نفسي أغمض عيني، أفكر بما يجب علي فعله، وبما أردتُ قوله وصمتُ عنه، وجدتُ نفسي خائفاً من حقيقة أنني وحيد وأترك الآخرين وحيدين أيضاً ولا أملك أي قدرة على مساعدتهم.

لويس الثرثار ولويس الذي يضحك طوال الوقت ولويس الذي أحببتُ كيف كان قادراً على خلق ضوء وسط عتمتي كان محطماً تماماً يبكي بطريقةٍ أوجعتني كثيراً، هذا الشخص نفسه الذي وقف معي حين أتيتُ إلى هنا، وآنس هذه الوحدة الموعبة حتى وإن لم يدرك ذلك، وأكثر شخص أنا ممتنٌ له لهذا.. أكثر من آفيلين حتى.

Hybrid | هجينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن