الخامس عشر

5.1K 227 16
                                    


هي عِندها عقل لا يدق ناقوص الخطر وهو عنده قلب لا يرى سوى شهواته  .. هذه هى المأسآة الأبدية التي أقحمت نفسها بها وكان عواقبها وخيمة
فدفعة قوية من ذلك الرجل ذو البنية القوية والشارب الكث والهيئة المرعبة ، جعلتها تتهاوى بخطواتها إلى الأمام وتكاد تتعثر بذيل تنورتها السوداء ، أبتلعت ريقها ببطء شديد وشفاه جافة وهى تتطلع بعيونها الزائغة برعب إلى محيط ذلك المكان الموحش المسمى بالحبس الذي ما أن وطأت قدميها بداخله شعرت بلأختناق من رائحة العطونة المنبعثة من الجدران الرطبة الملطخة ببقايا الدهان القاتم الذي زاد المكان كآبة فوق كآبته  ليصيح الشويش وهو يدفعها مرة آخرى لتتقدم  للداخل:
- خشي  يا بت جنب أخواتك عقبال متترحلي للنيابة الصبح

رفعت "حلا" نظراتها المصعوقة  اليه وقالت بذعر حقيقي  :
- أنا معملتش حاجة دي هى..........

قاطعها الشاويش بحدة :
- أخرسي يا بت أنتِ هتحكيلي قصة حياتك وشفيلك حتة أترزعي فيها

هزت "حلا" رأسها بقلة حيلة  وهى تحتضن ذاتها بقوة وتشعر أن برودة ١لمكان تنخر عظامها
لتتوجه بخطى ضعيفة  إلى زاوية منعزلة بعيدة عن هؤلاء النساء المخيفات اللذين ينظرون لها  ما أن دخلت نظرات  شريرة متفحصة  ،  لتجلس بهوان وتضم ساقيها على صدرها وتسند رأسها على ذلك الحائط الرطب وتعود بذاكرتها إلى ما حدث منذ عدة ساعات
######
فبعد مرور بعض الوقت على جلستها المنتظرة  القريبة من الملهى   ،تطلعت لساعة يدها بملل وظلت  تحسب عدد الساعات التي تغيبتها عن المنزل لتتنهد في ضيق  وهى تتذكر والدتها فلابد أنها قلقة عليها الآن فكانت تظن بتفكيرها المحدود  أن الأمر لن يأخذ كل ذلك الوقت، لتفتح حقيبة يدها وتبحث عن هاتفها  وهى تنوي أن تتصنع كذبة واهية لتبرير تأخيرها  تجنبًا لغضب والدتها وما أن بحثت عنه لم تجده لتضرب جبهتها بخفة وتهمهم بغباء :
- يالهوي ...... أنا ازاي غبية كدة ونسيت الموبيل ...زمان ماما قلقانة وهطين عيشتي لما أرجع .....بس  برضو لازم أكلمها
لتتنهد بعمق  وتعلق حقيبتها بيدها مرة آخرى وهى تنوي أنها ستهاتفها من تليفون أحد الأكشاك القريبة  عندما تخرج  من ذلك المكان
التي ما أن وقفت على عتبته  تيبست ساقيها رافضين الإنصياع  ،ولكنها حاولت الثبات ودون أن تدع التردد يتملك منها  خطت إلى الداخل بخطوات مهزوزة و برأس مطرقة بحرج  من تلك النظرات  الجائعة التي كانت تشملها عند مرورها ،وما أن وقفت  في زاوية من زوايا ذلك المكان الصاخب الذي يمتلأ  بالمجون نظرت بعيون متسعة لكل ما يدور وهى 
منكمشة على ذاتها  فلأول مرة بحياتها ترى شيءكذلك وطالما أعتقدت أن تصور الأفلام  للأمر مبالغ به لكن الآن تعدى الأمر قدراتها على الاستيعاب فكان  المكان يضج بأغاني شعبية صاخبة يعلوها ضحكات مترنحة للسكارى الذين  يحاوطوا مجموعة من الفتيات  الذين يتمايلون بملابس بالكاد تستر القليل من أجسادهم متخذين الرقص سبيل  للتودد لهم بطرق  مقززة ، ضمت حقيبة يدها بقوة وكأنها تحتمي بها وهى تغض بصرها وتستغفر وتقدمت عدة خطوات لتسأل  عنه النادل الذي كان منهمك بتحضير كؤس الشراب خلف ذلك الكانتور الرخامي العريض المسمى بالبار، ليخبرها أنها ستجد "علاء " بغرفة "شوق" الراقصة خلف المسرح لتتوجه إلى هناك بخطوات مهزوزة وبقلب يرتجف من الذعر وعند وقوفها أمام الغرفة منعها اثنين من رجال الأمن وكادوا يرموا بها في الخارج لولآ أنها  صرخت بهم وهى تخبرهم أنها تبحث عن زوجها تزامنًا مع خروج" علاء " من الغرفة وهو يضحك بصخب ويحاوط خصر فتاه بحميمية مبالغ بها بيده السليمة  ، ليجف حلقها من شدة صدمتها وتجحظ عيونها   وهى ترمق هيئة تلك الفتاه  في  ذهول تام فكانت تضع بوجهها العديد من مستحضرات التجميل  بشكل مبالغ به وتضع شعر مستعار يصل لمنتصف خصرها آما عن ملابسها وإن كاد يطلق عليهم لقب ملابس فكانت  ترتدي مأزر ستان تاركته  مفتوح يظهر من تحته بدلة الرقص المكونة من  صدرية سوداء أظهرت شق صدرها وبعضًا منه   ، يتدلي منها سلاسل فضية لامعة وتنورة طويلة من الشيفون  مشقوقة من الجانبين و تشف منحنايتها ببذخ ، لتهدء ضحكات ذلك المقيت تدريجيًا ما أن رأها  مشدوهة أمامه وتتمعن بهم ليندفع نحوها بقوة  وهدر وهو يقبض على ذراعها   :
- بتعملي أيه هنا ياروح أمك ؟؟

تيراميسو (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن