أسرة ديرموت

9.5K 134 3
                                    

أسرة ديرموت

أغلقت الباب بعنف كمن يتمنى أن يصفعه بشدة, ولكنه يحاول أن يكبح جماح نفسه. وابتسمت ليلى للفتاة الغاضبة التي القت كومة من الاوراق على مكتبها وسألتها بعطف:
-يبدو عليك الاضطراب , فماذا يجري؟
أشارت الآنسة كيريغان بيأس وكأن شرح ما يزعجها بدقة أمر يفوق طاقتها وقالت:
- سأقول يوما لذلك الرجل رأيي فيه... وثقي أنني لن أكون ممهذبة في ذلك!
اختلجت شفتا ليلى ديرموت قليلا, وظهرت في عينيها الفاتنتين الداكنتين ومضة انشراح. ولو أن أحدا اطال النظر اليها لأعجب أيضا بلون بشرتها القرمزي الشاحب وبشعرها المجدول في عناية, بعدما عقصته مثل اكليل حول رأسها الصغير. وكان مظهرها خادعا اذ تبدو هادئة ساكنة الاعصاب, لكنها كانت ذات مزاج حاد وكانت كيري كيريغان تعرفها معرفة جيدة ولا ترتاب اطلاقا في الصفات الكامنة تحت كمال بشرتها الشاحبة. وأدركت كذلك ان ليلى لم تأخذ كلامها على محمل الجد. وقالت وهي تجلس على ركن من المكتب:
- آه... لعله من الصعب أن اجد الجرأة.. ربما يكون مديرنا جذابا ولمنه ارهب مثال صادفته!.الأميرة شوق
فقالت ليلى معلقة:
- مشكلتك انك تسمحين له بأن يثير اعصابك.
وأعادت كلماتها اللهب الى العينين الخضراوين , فتهفت كيري:
- يثير أعصابي؟ كاد يهيج غضبي منذ لحظات, واصارحك بأنني لا فهم كيف استطعت أن تلازميه ثلاث سنوات.
وأجالت عينيها في محجريهما واردفت:
- لابد أن عندك صبر القديسين
فهزت ليلي كتفيها في شيء من عدم المبالاة وقالت:
- كل ماهنالك أنني لا أحفل اطلاقا به ولا بأطواره.
- هذا من حظك .. لأنك تضطرين لتلبية جرسه معظم الوقت ! ولكن هناك كلمة حق لا أحجم عن قولها بصدد صاحب مؤسسة ميريديث, وهي انه لا يقول كلمة في غير موضعها.
والتوت شفتا ليلي الجميلتان الى اعلى وقالت: منتدى ليلاس
- أتعنين أنه لا ينساق للحب ؟ يا للمسكين ! انه لا يعرف كيف يحب اذا هو حاول!.
انطلق صوت الجرس كأنه ازيز سرب من النحل المهتاج فبدد هدوء غرفة ليلي الصغيرة فوثبت كيري عن المكتبولاذت بالغرفة العامة المجاورة. وجمعت ليلي بعض الاقلام وكراسة للمذكرات وأسرعت الى باب المكتب الخاص برئيسها الباب الذي كادت كيري أن تصفعه لولا انه كان متوما عليها الا تفعل لان رويز آلدوريت لم يكن من ذلك الطراز من الرجال الذي قد يجيز عنفا من هذا النوع. لم يكن من الطراز الذي يسمح بأي شيء من قبيل الألفة أو الازدراء لمركز المهيب كرئيس لدار مريديت وكان التصدي له بالرد يتطلب درجة من التصلب في الرأي لم توءتها كيري قطعا.
كان بوسع رويز ألدوريت أن يخمد التوتر العصبي بكلمة هادئة أو أن يذكيه بنظرة واحدة. كان الكفاءة بعينيها عنده معرفة كاملة ومطلقة بكل شؤون شركته وما كان ليشفق قط على نفسه اذا دعت الضرورة للعمل الشاق وبهذا القدر من الكفاءة التي لا ترحم كان يتوقع نفس الكفاءة من كل امرىء يعمل لديه . ولكنه ما فصل أحدا يوما ظلما وكانت نظرته واحدة من عينيه الباردتي النظرات توضح انه لا يطيق جدالا . كانت كلمته هي الفاصلة في كل المناسبات وهو صاحب السلطان النهائي.الأميرة شوق
لم تشعر ليلي بأي توجس حين دخلت حجرته ولكنها اختلست نظرة اليه لتستبين ما اذا كان مزاجه معكرا اكثر من المعتاد. كان يقف وراء مكتبه حين دخلت يسيطر بقامته الطويلة على الموقف بينما كان ينبش نافذ الصبر في ركامات الاوراق على مكتبه. وقدرت ليلي أن بارومتر مزاجه يشير الى درجة عاصف فتمنت أن يكون من الممكن تفادي العاصفة. ولكنها لم تأمل كثيرا فأن رويز آلدوريت كان نصف أسباني فقد آلت اليد دار مريديت من ناحية أمه.

14 - الزواج الابيض - نيرينا هيليارد - عبير القديمة ( كاملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن