الإرث

3K 77 2
                                    

الأرث

تسلم رويز آلدوريت خطابا خلق له أزمة وحطم حاجزا نفسيا حاول جاهدا بناءه لمدة عشر سنوات وعاوده الماضي بأكمله: الحنين الى ذلك البيت الابيض الجميل المحاط بالاشجار الباسقة و الزهور المتكاثفة والى الهواء البارد ينساب فوق الجبال.
وعاد يقرأ الخطاب فاذا به ينبئه بما انبأه به من قبل كان ثريا بعد أن آلت اليه ثروة آل ميريديت ولكن الخطاب كان يمنخه المزيد بشرط واحد: كان في بوسعه ان يرث ثروة خرافية سبق أن نبذها بوسعه أن يعود الى البيت الأبيض الذي ظل يحلم به دائما ولكن الشرط كان بعد قائما.
كان عليه أن يتزوج قبل أن بعود ويجب ألا يتزوج من مرشيديس لاسترو! فاذا حاول اعتراض الوصية خسر الميراث فورا ليؤول الى جمعيات معينة بدلا منه. وكان الشرط يمهله ثلاثة أشهر يجب أن يتزوج خلالها وأن يحضر عروسه الى كاراسترانو أو يتنازل مرة أخرى عما نبذه في الماضي.
كان الشيخ دييغو آلدوريت على معرفة جيدة بحفيدة عندما أدرك أان الشاب سوف يبذل ما في طاقته ليمتلك البيت والضياع التي كان يحبها منذ كان طفلا!
عاد رويز يتأمل الخطاب ثانية محالا التفكير بروية للتملص من الشرط الواضح في الخطاب. إذ أنه لابد من أن يكون متزوجا في خلال ثلاثة أشهر وكان رويز يعلم المقصود من هذا : ان يغدو وريثا لقصر كاراسترانو!
زم شفتيه النحيلتين. كان يطمع في الكارسترانو ولكنه لم يؤت اية نية لأن يجبر على التخلي عن القرار الذي اتخذه منذ زمن بعيد بألا يكون لأية امرأة وزن لديه مرة أخرى!
ضاقت عيناه وهو يقرأ الخطاب بتمعن لعل هناك مخرجا. لم يكن ثمة ذكر لمستقبل زواجه ولا نوع المرأة التي ينبغي ان يتزوجها اللهم الا انها لا تكون مرشيديس لاسترو وما كانت لديه أية رغبة في أن يتزوج من مرشيديس لاسترو بل ولا رغبة في الزواج اطلاقا. ماكان شيء أبعد عن رأسه بالأمس من هذا. وكان من ناحية اخرى يريد قصر كارسترانو!
وتذكر - وقد زم شفتيه الرفيعتين ثانية- الرجل الذي وضع هذا النص اللعين المقيت في الوصية. لقد كان دييغو آلدوريت دائما صارما قوي الارادة وما من شك في أنه كان يظن ان بوسعه تنفيذ ارادته ولو بعد موته!
لابد من طريقة تنفذ كل كلمة من ذلك النص الوارد في الوصية فترد اليه البيت الذي احبه كثيرا وتتيح له -في الوقت ذاته - استرداد المناعة العاطفية التي كان يعتزبها كثيرا تدبيؤ تجاري تجاري محض بين شخصين يمكن كلا منهما من استعادة حريته وطريقة الخاص بمجرد تحقيق الغاية من الزواج. فلم يكن الاذعان الفارغ لشروط الوصية هو الذي شغله في تلك اللحظة . كان شديد الغيظ - لكنه غيظ بارد - لأن اليد التي تحكم كانت تملك التحكم في حياته يوما وحرمانه من كل ما أعتاده- بل هدم اسس حياته ذاتها - تمتد لتحاول اعتراض حياته مرة أخرى لمدة طويلة من العمر بل الى ما بعد الوفاة!
لمعت في عينيه ابتسامة باردة. فلقد ارتكب دييغو آلدوريت خطأ لمرة واحدة في حياته اذ كان ينبغي ان يضع ذلك النص في تفصيل أوفى. أما الآن فمن السهل التحايل للتهرب منه غير انه كان لزاما ان يفكر في الفتاة التي تكون مستعدة لابرام عقد غير عاطفي كهذا فتاة تكون مثله لا تحفل بالحب ولا مكان له في حياتها ويمكن الاعتماد عليها في ابعاد المشاعر العاطفية عن الاتفاق طيلة المدة التي يتعين عليهما قضاؤها في المكسيك! ولكن أكانت هناك فتاة كهذه؟
وشدته الفكرة بحدة الى .. الفتاة التي في الغرفة الملاصقة! انها هادئة الاعصاب مسيطرة على نفسها حتى انها يشبه أحيانا لا تكاد تبدو من البشر. ما أبدت قط لمحة من أي شيء يشبه الضحك الفارغ الذي تبديه بعض الفتيات اللائي يعملن في بقية أرجاء المكتب واللائي يضايقنه احيانا بثرثرتهن التي لا معنى لها - وان لم يكن قد اصغى اليها قط! - أما هي سكرتيرته الخاصة فما كان يسمع اذا ما خرج الى مكتبها سوى صمت ملتزم. وما من شك في أن الفتيات كن يثرثرن عن اصدقائهن وعم الحب و الحياة العامة .. ما عدا ليلي يرموت فأنها كانت تبدو بعيدة تماما عن العاطفة السقيمة التي كانت تثير حنقة وكانت عيناها مشدودتين دائما الى عملها وما من ريب في انها كانت من جلاء الذهن بحيث ترى فوائد اتفاق عملي من النوع الذي يبتغيه!

14 - الزواج الابيض - نيرينا هيليارد - عبير القديمة ( كاملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن