الملاك المنعزل ✨

104 4 7
                                    

نحن نعيش في متاهة تسمي الحياة علينا مواجهتها بكل ما لدينا من طاقة، وإلا ستدمرنا حتمًا، فتلكَ المتاهة تحتاج للشخص القوي الذي يعافر فيها ولا للضعيف.

في مكان كبير للغاية يشبة البهو خالي من جنس حواء، تغرب الشمس عن يمينه، فيصبح لون السماء بالون القرمزي يميل للمعة الذهبية، تزقق الطيور معلنة عن رحيلها إلي مضجعها لتأوي به، والرياح تهبُ مثل العاصفة الرعدية تزيل كل من يواجهها.

تترجل في منتصف ذلكَ البهو فتاه متوسطة الطول يتطاير حجابها من كثرة الرياح ذات بشرة كستانية، وعيون زرقاء تهبط منها الدموع كشلال منهمر وقت الفيضان، وجسدها يرتجف بشدة من كثرة خوفها، وفزعها.

ويقف أمامها شخص فارع القامة، ذو منكبين عريضين يبدو عليه الضجر، والملل من تلكَ الفتاة.

الفتاة بتوسل، وهي تقترب منه، وعيونها مليئة بالدموع: أرجوكَ لا تتركني، فأنا أحبكَ، ولكني لا أستطيع مواجهة تلكَ العالم المريب بمفردي، وأنت تعلمُ ذلكَ، فلماذا تريد أن تتركني، وترحل؟

الفتي بمراوغة، وأعين خبيثة، وهو يلف حولها: مع الأسف يا أستاذة نور أنا مقدرش أعيش مع إنسانة مش قادرة تتحمل المسؤلية.

الفتاة بأعين باكية، وهي تخشع علىٰ ركبتيها: أنت عارف أن موت والدتي أثر عليا، فأكيد مش هتسبني عشان كدا.

الفتي بامتعاض، وهو يغادر المكان: مع الأسف أنا قبلتك لغرض معين، وها هي المصلحة إنتهت.

رحل الفتي، وتركها تبكي بحسرة، وتنجي حظها الذي أوقعها في يد ذلكَ المحتال الوغد الذي لا يعرف يحفظ محصنات الله، ولكنه غدر بها، ورحل بكل غرور.

استقيظت الفتاة من سباتها فزعة من تلكَ الذكري المؤلمة التي جعلت من حياتها جحيم دائم.

بداءت الفتاة تدرك أنها كانت في كابوس مفزع تستيقظ منه دائمًا، فنهضت من فراشها، وجلست علي المقعد أمام شرفتها، وأمسكت قلمها ثم أخذت تكتب بعض العبارات في دفتر مذاكرتها، وهي تشعر بالألم، والحزن.

أنا نور الأحمدي كنتُ حبيبة أبي، ومدللة أمي.
كنتُ زهرة النرجس المتفتحة، وكنتُ البحر الهاديء.
كنتُ حلمَ أمير في مدينة بعيدة ينتظرُ موعد اللقاء.
سُرقت مني طفولتي، وأنا طفلة صغيرة تعذبتُ، وعانيتُ كثيرًا، ولكن هذا العذاب جعل من تلكَ الطفلة امرأة ناضجة مفعمةٍ بالحب مصممة علىٰ البقاء، ومستعدةٍ لمواجهة الرياح، والعواصف .

هذا البيت أكثر الأماكن التي قضيتُ بها طفولتي المشؤمة راءت الحزن، والظلام الدامس داخلة، وراءت الظلام وراء الأبواب المغلقة المصممة علىٰ قتلي، ومحو حياتي، وراءت الشيطان المختبيء وراء تلكَ الأبواب الموصدة إلا أنني راءت نورًا وراء تلكَ الظلام الدامس في قلب أحن أم في تلكَ المتاهة التي لا يوجد لها نهاية، ولا بداية .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 05 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

اسكربتات بقلمي همس الحياة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن