❤ فرشاة الانسانية ❤

382 32 11
                                    

فرشاة الانسانية ..

في القرون الكلاسيكية القديمة وفي بلدة صغيرة يملئها البغض والكره والحقد عاش رسام طيب القلب اسمهُ اريج مع ولدهُ آدم ..
كان اريج معروف برسوماته التعبيرية التي تعكس معاناة الناس والفقراء والمظلومين ..
كان يرسم بفرشاته العجيبة ..
تناقل الكثيرون اسطورة تقول: ان فرشاة اريج تعود لملك سومري .. كان  ظالماً لا يهتم بشعبهِ ويسيء معاملتهم ،  لكنه كان يهوى الرسم ويمتلك فرشاة رسم لا يستبدلها بأموال الدنيا  وما فوقها..
في يوم ما اجمع الحاكم بجمع من السحرة والمشعوذين الدجالين وأمر بقتلهم.. الا ان الساحرة  الملقبة بـ  سنتازي تمكنت من الهروب  واختبأت في احدى غرف القصر.. و اتضح لها انها الغرفة التي يرسم فيها الملك وحينما عثرت على فرشاته قامت بعمل تعويذة للفرشاة..
وعندما علم الحراس باختفائها بحثوا عنها فوجدوها في غرفة الرسم بيدها الفرشاة .. وفي الحال أخبروا الملك ليحضر كي ينتزع الفرشاة منها ويأمر الحراس بمعاقبتها.. لكن الملك ردعهم واخلى سبيلها.. ومن تلك اللحظة تغير الملك ..اصبح طيب القلب وحنّ على شعبهِ  وانتشر العدل وعاش الناس بسعادة ورفاه ..
لكن  كما تقول الاسطورة  التي تناقلها الاجيال.. عند وفاة الملك ضاعت الفرشاة  ولم يعثر عليها احد  او يتعرف  على مكان وجودها..  لهذا عادت مظاهر الظلم و المعاناة تنتشر بين الناس من جديد .. وفي يوم قائظ  شديد الحر كان اريج يتجول في ازقة البلدة بحثاً عن ظل جدار او شجرة  ليتقي   لهيب الحر شاهد رجلا يعاقب طفلا فقيراً ..
فعزم  على مواجهته ومنعه  وبعد تفكير عميق قرر الشروع بتغيير اوضاع بلدته والسعي لتهذيب الناس وحثهم على ترك  العنف والعادات الوحشية .. لكنه قبل أن يتمم مشروعه  وينجز المزيد مما كان يخطط له اصابه المرض و وافاه الاجل وبقيت احلامه الانسانية سراً مخبئاً في تلك الفرشاة التي لم يدرك سرها أحد في ذلك الوقت..
وانتقلت فرشاة الرسم وفقاً لوصيته لولده آدم الذي سار على نهج والده وبدأت مواهبه تتفتق بالمزيد من اللوحات الجميلة في مرسمه بتلك الفرشاة العجيبة ..  وقرر بعد تفكير طويل تعليم اهل البلدة الرسم بالفرشاة ومشاركتهم لخلق السعادة بدعوتهم لحضور معرضه الاول..
اعلن ادم عن عرض مفتوح لأهل البلدة وقدم خدماته المجانية لتعليمهم الرسم.. وقال محدثاً نفسه الفن يدفع بالناس لنبذ العنف ويعودهم على الصبر و الاحترام  و تقدير حق الجيرة والتضامن بينهم  عند الشدائد والويلات والكوارث...
في البداية سخر البعض منه.. لكن فيما بعد اخذ الناس  يذهبون اليهِ  طواعية كي يتعلموا فن الرسم استطاع ادم تعليم  دفعات  متتالية منهم .. وخلال  فترة  قصيرة تغيرت  الاحوال في البلدة أخذ الناس يعاملون بعضهم بلطف واحترام  وتسامح ..
وعندما اتقن اهل البلدة الرسم وجدوا انفسهم تعلموا اشياء اخرى جديدة دفعتهم للعطف على الآخرين ومساعدة جيرانهم  لتعليم الرسم كي تتوسع  مداركهم و يكتسبوا  قيماً انسانية  مسالمة تساعدهم  على العيش المشترك  وتضمن لأجيالهم  الاستقرار  والامان...
وتداول الناس اسطورة الفرشاة السحرية المباركة وتناقلوا الكثير  من الحكايا العجيبة المنسوبة لها في مختلف العصور والازمنة واضافوا وحذوا  المزيد من التفاصيل وفقاً لمصالحهم  مع مرور الأيام  وتعاقب السنين...
لكن ادم تذكر وصية والده.. عندما تنجح في تعليمهم فن الرسم  وتنمو الروح الانسانية بينهم  كشعوب وقبائل متشاركة في الوطن .. يجب  أن تكسر الفرشاة وتحطمها امامهم في احتفال تاريخي كبير ...
لهذا جمع ادم كل المتواجدين في ساحة البلدة  وهناك قام بكسر الفرشاة تعجب الناس وانذهلوا.. وظنوا بانهم سيرجعون قساة القلوب يضطهدون بعضهم البعض كما كانوا.. لكن الغريب في الامر هذه المرة لم يتغير  في سلوكهم  شيء بقوا متحابين مسالمين يكدحون ويتضامنون في الافراح والاحزان ...
عندها قال لهم ادم ...
يا سكان بلدتي.. يا اهلي واحبابي .. لقد جمعتكم اليوم  لتتأكدوا وتتيقنوا بأنفسكم..  ان الفرشاة لم تغيركم بل انتم من غيرتم انفسكم ..
عندما بادرتم باحترام الاخرين بادلوكم  بالمزيد من احترام  والتقدير  ..
وحينما نهض احد الاشخاص مستفسراً ماذا عن الاسطورة يا آدم  ؟!!..
اجابه ادم ..الاسطورة هي اسطورة ..
والفرشاة عادية ليست فرشاة سحرية ..
بل تعلمتم الاحترام والحب ومساعدة الاخرين ومشاركتهم العيش في هذا الوطن الجميل بوعيكم  وقيمكم الانسانية التي منحت الفرشاة الميتة الحياة وضخت فيها الروح الساحرة .. هذه هي معجزة الانسان في هذا الكون الشاسع ..
ــــــــــــــــ
لينا علي كنجي
23\5\2018

قصص أطفال منوعهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن