الرابع عشر

4.5K 147 2
                                    

الفصل الرابع عشر....
بعد مرور شهر...
دلف الي المشفي ركضا حتي يلحق بها قبل أن تخرج من المشفي...فقد هاتفه طبيبها يطلب منه الحضور لاستلامها كما طلب عند تعافيها وللصدفة استمعت هي الي حديثه وأصرت علي الخروج وحدها ...
_ انا هخرج...انا مش فاقدة للاهلية عشان تمنعوني..وحضرتك يا دكتور واقف تتفرج!!..قولهم يسيبوني...
حاول باران تهدأتها قائلا...
_ يا زهرة اهدي ...دلوقتي جوزك ييجي ياخدك وتحلوا مشاكلكوا مع بعض...
صرخت هي بحدة وغضب...
_ وانا مجبتش سيرة اي مشكلة بيني وبين جوزي...انا قولت عاوزة اخرج من هنا...
في تلك اللحظة كان ناير وصل إليهم ...لم يكن من الصعب الوصول إليها فقد خرقت أذنه بصوتها الغاضب وهي تنهرهم لمنعها من الخروج...
اقترب منها وجذبها من يدها على حين غرة والتفت برأسه قائلا...
_ دكتور باران انا همشي دلوقتي وبكرة أن شاء الله هاجي عشان الإجراءات...
وخرج دون أن يأخذ إجابته منشغلا في تلك المخلوقة التي تحاول الفرار منه بشتي الطرق الي أن وصلا للسيارة فدفعها واغلق الباب...
_مش عاوزاك يا ناير ابعد عني وسبني ف حالي بقي...
نظر إليها بحدة وغضب قائلا بهدوء ظاهري...
_ مش عاوز اسمع صوتك لحد م نروح البيت ..تمام؟؟...
حولت بصرها نحو زجاج السيارة تتابع حركة السيارات حتي يصلا الي المنزل...
******************
اغمضت عيناها بتوتر وهي تقف علي ذلك الجهاز لقياس الوزن..شهران من المجهود المضني حتي تفقد وزنها ..كان من المفترض أن تقيس وزنها كل شهر لكن خوفها من الاحباط منعها لكن اليوم زارتها زمزم وجلبت لها هدية وأصرت أن تقيس وزنها...
ضحكت زمزم بقوة وقالت...
_ يا بنتي خلاص فتحي عينك..خسيتي..
فتحت عيناها بسرعة عندما استمعت الي الكلمة الأخيرة وهي تقول بلهفة...
_ بجد!!..وحياة امك خسيت؟؟...
اومأت برأسها بسعادة بضحك مشيرة إلي الشاشة الصغيرة...
_ اهو شوفي كنتِ كام وبقيتِ كام...
وامدت يدها واخرجت كيس صغير من حقيبتها..
_ خدي...اكوي ده والبسيه بقي..هيبقي حلو اوي عليكي..انا هقضي اليوم معاكي النهاردة وهتصل بالزفتة ديه أشوفها اتأخرت ليه ..
أخذته تمارا منها ودلفت الي الغرفة وقامت بكيه وإرتدته..ظلت تدور حول نفسها بانبهار وهي تتفقد الثوب فقدت الكثير من الوزن ..نظرت إلى شعرها بالمرأة وابتسمت وهي تمد يدها نحو ربطة شعرها وحررته ثم خرجت من الغرفة...
خرجت زمزم من المطبخ بيدها زجاجة ماء قاطبة جبينها باستغراب...
_ البت ديه مبترودش بتكنسل...
واصدرت صفيرا دلالة على اعجابها بشقيقتها..
_ ايه الجمال ده !!...أيوة بقي هي ديه تمارا ...مش فاهمة انا ايه القرف اللي كنتِ عملاه ف نفسك ده...
اقتربت تمارا من زمزم وعانقتها بقوة وبادلتها زمزم العناق...
_ يلا..يلا روحي اقعدي عقبال م اشوف الزفته ديه فين ...
وعادوت الاتصال بها من جديد لكن هذه المرة اغلق الهاتف تماما...
**********
علي الجهة الاخري ...خطف ناير الهاتف من يد زهرة واغلقه ..
_ ايه اللي انت عملته ده؟؟انت اتجننت؟؟...
صف السيارة بغضب محدثا صريرا مزعج والتفت إليها بغضب..
_ انزلي..
نظرت حولها باستغراب تحول إلى خوف وتوتر وهي تشاهد المنزل الذي سبق واختطفت به...تابع ناير تعبيراتها باستغراب ثم تحولت ملامحه الي الالم وشتم نفسه علي نسيانه مثل هذا الشي الهام...كيف نسي حادثة اختطافها بهذا المنزل !!..
عاد يأمرها بصوت أقل حدة...
_ انزلي يا زهرة ...
فتحت الباب بأيادي مرتعشة تشعر بحاجتها الي الراحة ..تشعر ان قدميها ستخذلها...
امسك بيدها حتي يدلفا الي المنزل ...تركها ناير بعد أن اجلسها علي الاريكة وذهب حتي يجلب لها ماء ..
_ خدي..اشربي واهدي كده ...
اخذت منه الكوب وتجرعته كاملا ثم وضعته على الطاولة أمامها والتفتت إليه حتي تبدأ العراك...
_ انت جايبني هنا ليه؟؟...انا مش عاوزاك يا ناير..حاول تنساني..طلقني وانساني ..
من الغباء الان ان يستخدم اسلوب الشدة معها ..ببداية زواجهم رفضته صراحة بسبب عمله وأنها تخاف من ضباط الجيش والشرطة ولكنه وعدها انها ستكون خارج دائرة الخطر تماما...ورغم اعتراضها بوقتها الا انه وجد والدها يهاتفه يتفق معه  علي موعد حفلة الزفاف...
_ يا زهرة انت بتحاسبيني علي ايه؟؟..انا أمنت البيت كويس..بس اللي ربنا كاتبهولك اكيد هتشوفيه حتي لو انا عملت ايه..
دمعت عيناها وهي تتذكر حديثه معها وانتهاءه باعتذاره عن انقاذها...
_ بحاسبك علي ايه!!!...بحاسبك انك بديت شغلك عني وسبتني ف أيديهم...انت متعرفش كانوا بيعملوا فيا ايه...انا مبقتش مدمنه وبس..لا انا كنت يوميا بضرب الا بس الكام يوم اللي قبل م تلاقيني فيهم...كنت بترجاهم عشان يريحوني يا اما يدوني الجرعة يا اما يموتوني..بس كانوا بيستمتعوا وهما شيفني بتلوي ...
فاكر قولتلي ايه لما اتصلت عشان تتصرف وتتجدني؟؟..قولتلي ايه كل ده تليفونات عندي شغل...سبني امشي يا ناير انا مش عاوزاك..
طوال فترة حديثها كان ينظر إلى الأرض لم يستطع رفع بصره إليها...خذلها كثيرا ويعلم ذلك..
_ امشي يا زهرة....
نظرت اليه مصعوقة من تخليه عنها بهذه السرعة...ثم تداركت نفسها سريعا واخذت هاتفها وحقيبتها وخرجت حيث اختيها....
********************
انتقل ناصر النوساني الي منزله بعد ان انتهي من توضيبه...لم يستطع البقاء بمنزل أخيه وهو يري معاملة ابنته له وتجنبها إياه في كافة تصرفاتها ...كما أنه غاضب حقا من وقاص ولا يريد رؤيته ...
انتقل الي منزله منذ اسبوع فقط ...كان يحاول معرفة كل شئ عن حياة بناته ...صعق عندما علم  ان عابد وناير متزوجان علي بناته..لكن ما دهشه اكثر هي زهرة..كيف توافق على زواج ناير من اخري؟؟!!!!...
وكيف يستجري عابد أن يتزوج علي ابنته التي سحرته من اول مرة رأها بها؟؟؟...
دلف إليه الخادم يقول بتهذيب...
_ وصلوا يا فندم ...ادخلهم؟؟..
اومأ برأسه إيجابا ..يجب أن يضع النقاط علي الحروف الان ويصلح ما اتلفه بحياتهم بجهل منه...
دلف ناير وعابد ووقاص الي المنزل منهم الذي يشعر بخطأه في الزواج مرة أخري ومنهم من يتبجح ويسير بكل عنجهية وغرور...
_ تعالوا اقعدوا...كلامنا احتمال يطول شوية ف اللي عنده معاد ...
توقف عن الحديث وحول بصره ناحية ناير الذي تهللت اساريره فمن المؤكد أنه سيتحدث معه عن ابنته وهو غير مستعد الان...
تابع ناصر حديثه بحدة وصوت مرتفع قليلا...
_ يلغيه...
جلسوا جميعهم علي المقاعد منتظرين حديثه...الي أن هتف بجدية ..
_ تعالي ورايا يا وقاص...
دلفا الي غرفة المكتب الخاصة به حتي يستطيعا التحدث بحرية..
_ اتجوزت علي بنتي ليه يا وقاص؟؟...ناقصها ايه عشان تتجوز عليها؟؟...
_ ناقصها اني اكون بحبها...ناقصها اني اكون قابلها كزوجة حتي...وانا لا دي ولا دي ...زمزم طول عمرها بنت عمي اللي مبشوفهاش نهائي عارف اسمها بس... ف يوم وليلة ابويا يجبرني اني اتجوزها عشان عملت حادثة وبقت معاقة!!!...مش ذنبي لا انا اللي خبطها ولا كنت السبب...
صدح صوت ناصر الجهوري بغضب اعمي...
_ بنتي مش معاقة يا وقاص...بنتي كاملة ..المعاق صح هو انت...انا ندمت اني اجبرتها عليك ..كنت مفكرك هتهون عليها وتخفف وجعها...مكنتش اعرف انك هتسافر بعد جوازك منها باسبوع عشان تجيب السنيورة مراتك...
ظهرت دهشت وقاص علي صفحة وجهه بوضوح...
_ مفكر اني مكنتش هعرف..قبل ما اجيبك هنا انا عرفت كل حاجة ...طلقها يا وقاص وكل واحد يروح لحاله...
وقاص بعناد...
_ لا..طلاق مش هطلق...
_ يبقي تطلق الجديدة بكرة وبنتي بس اللي تفضل علي ذمتك..
_ بردوا لا...مش هطلق واحدة منهم...بنتك لسه زي ما هي...مبقتش مدام...وانا مش هطلقها....اللي تستغفلني وتمشي مع واحد غيري وهي علي ذمتي حقها عندي اني اسففها التراب لحد م تقول حقي برقبتي...
لم يستطع تدارك الوضع كاملا...كيف تكون ابنته كما هي؟؟...متزوجه منذ عامان ولم يحاول وقاص الاقتراب منها!!!...
وكيف تخونه من الاساس...
_ يعني ايه...ب.بتستغفلك؟؟!!!..
أفلتت ضحكة ساخرة من وقاص وهتف...
_ يعني بتستغفلني...ماشية مع الدكتور بتاعها...بتاع العلاج الطبيعي ...
_ انت كداب...بنتي مستحيل تعمل كده...
قالها ناصر بغضب شديد وصوت مرتفع...
اشتدت عضلات فكه بغضب وهو يلقي علي مسامع عمه ما فعله حتي يتأكد مما يقول...
_ كان نفسي ابقي كداب يا عمي...بس ديه الحقيقة..انا براقبها بقالي شهر ونص ...بتخرج معاه ومش عاملة حساب انها متجوزة حتي لو ع الورق...دخلتلها امبارح عشان اخلي جوازنا علي الورق وحقيقة بس رفضتني ...طلاق مش هطلق الا لما أتأكد أن انا اول واحد بنفسي...
تهدلت كتفيه بخزي من فعلت ابنته ...يعلم أنه أخطأ بحقها لكن ذلك لا يعطيها الحق أن تفعل تلك الفعلة الشنيعة ...كيف تخون زوجها...والي اي حد وصل الأمر بينهم قبل أن يشك بها وقاص؟؟؟...
رفع رأسه نحو وقاص وعاد مرة أخري ناصر النوساني القديم الصارم ...
_ معاك اسبوع واحد...بكرة تجبلي اللي يثبت أنها بتخونك ...وخلال الأسبوع ده تتصرف وتجبها هنا وتخليها مراتك ..عاوز اطمن بنفسي...
اومأ برأسه موافقا وعقله يحيك لها الخطة من الان ...ستدفع ثمن خيانتها له مضاعف...
بعد خروج وقاص تحولت ملامح ناصر الي الوجع والخذلان ...والم بكافة أنحاء جسده زمزم الوحيدة بينهم التي بكت أمامه حتي يتراجع عن قراره ..حتي انها بكت واوشكت علي تقبيل يده بتوسل حتي يتركها ولا يجبرها علي شئ يوم زفافها عندما دلف إليها بالدفتر للحصول علي توقيعها لكنه بقي جامدا حتي أنه لم يربت علي كتفها يواسيها..أن يقول لها أنه معها يساندها...
الي أن انتهي بها الأمر تحمل لقب خائنة بسببه وبسبب طريقته معها وجموده...
لم تقوي قدماه علي حمله حتي يخرج ويستدعي ناير ...فنادي عليه من مكانه...
_ انا مش هقولك اتجوزت علي بنتي ليه...بس اللي انا عاوز أفهمه ازاي زهرة وافقت وعاشت معاك؟؟...
ظهر الارتباك علي وجه ناير بوضوح...
_ زهرة متعرفش يا عمي...
قطب ناصر جبينه قليلا وهتف...
_ ازاي متعرفش ؟؟..مشكتش فيك!!..ده انت بقالك تقريبا اسبوعين مش بتبات ف بيتك...
الرجل المكلف بجلب المعلومات عن ناير لم يستطع معرفة اكثر من ذلك ...لذلك اثر ناصر معرفة حقيقة الأمر من ناير نفسه..
تعرق جبين ناير وهو يري تأزم الموقف وضرورة اخبار ناصر بحالة ابنته طوال الشهرين ونصف الماضيين...
_ انا عارف انها حاجة وحشة يا ناير...قولهالي وخلص ...مش هتقدر تخفيها كتير ..مفيش حاجة بتستخبي من الاساس...
هتف ناير بصوت مرتبك....
_ زهرة كك..كانت ف...مصحة
ناصر بلهفة...
_ مصحة ايه؟؟..هي تعبانه ؟؟..قولي فيها يا ناير كفاية وجع قلبي عليها هي كمان...
أخذ ناير نفسا عميقا والتفتت له وتحدث دفعة واحدة...
_ مصحة ادمان...من حوالي اربع شهور زهرة اتخطفت وبعد شهر رجعتلي...بس رجعت مدمنه اخدتها مصحة عشان تتعالج وهناك رجعت تتعاطي تاني ف غيرتلها المستشفي قعدت فيها شهر ونص ولسه خارجة النهاردة..طلبت مني اسيبها واطلقها ...وسبتها الصبح وبعدها جيت لحضرتك لما طلبتني...
كانت الغرفة تدور به ووخزات قلبه أصبحت مميته بالفعل ...لم يستطع التنفس ...ضاق صدره من كثرة سماعه بما حدث لبناته بسبب قراراته الخاطئة والتي تحملوا هم نتائجها ...دوار يجتاح جسده يجبره علي اظهار عجزه ظل يقاوم ويقاوم لكن بالنهاية خذلته قوته وسقط علي مقعده غائبا عن الوعي...

القديمة تحلى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن