الرسالة الثانيه

167 18 15
                                    

وقف الرجل مرتعداً ، تصطّك ركبتاه ببعضهما ، ثم مالبث أن أنزلق وسقط على بلاط المكتب .
لقد وصلته رسالةٌ ثانيه .
من مايكل : مع الحب
وقصاصةٌ صغيره من الجريده تعود سنين للوراء ، إذ يغطي صحفي أسمه 'مايكل' حادثة غرق شاب في السادسة والعشرون من العمر .

هذه المرّة ، لم يتماسك السيد فألتقط هاتفه وأسقط حفنة من الأوراق والاقلام عن سطح مكتبه بيده المرتعشه .
أتصل بشخص آخر .
قال الرجل الآخر فوراً بعد فتح الخط :
- كنت أتوقع اتصالك ..
صاح باين :
- هل أنت وراء هذا ؟ هل أنت من تبعث هذه الرسائل لي؟
- لا ، لقد وصلتني أيضاً .
مسح على وجهه وجلس ، ثم ألتقط نفساً عميقاً وأغلق الهاتف .
'هكذا الأمر إذن ، ذلك الشيطان عاد ليعبث بنا !؟'
وصلته رسالةٍ قصيره على هاتفه من الرجل الذي حادثه للتو ، مكتوب فيها : هل نلتقي ؟ في الحديقة العامه ، تظاهر بأنك لا تعرفني ،لا تجلس بجانبي أجلس بعيداً!
ثم أرفق الرسالة برسالة اخرى مكتوب فيها : نسيت تحديد الوقت..الخامسة تماماً ، تكون مزدحمةً في هذا الوقت .

وهكذا ، خرج الرجل من منزله في الرابعة والنصف ليصل الى الحديقه العامّه في الخامسة تماماً ، إذ أنها تبعد عن منزله قرابة عشرون دقيقه ومع إزدحام السير فقد أحتسب وقتاً اضافياً .

كان يعرف مكان اللقاء بالتحديد دون الحاجه ليذكرها له أحد ، المقاعد قرب نافورة الماء ، الجهة التي يلعب فيها الأطفال .. إذ أنه لطالما ألتقى بهذا الرجل هنا ، متخفيان كغريبين .
عندما وصـل ، وجده على ذات المقعد المنشود ، لكن هنالك أمرأة تجلس بجانبه تراقب إبنها الذي يلعب ، فأضطر للدوران حول المكان وللتوقف طويلاً حتى نهضت المرأة عندما بكى طفلها ، فأسرع وجلس مكانها .
عندما جلس الرجلان على نفس المقعد ،كان يفصل بينهما مساحة تتسع لشخص واحد ، قال الرجل الاخر:
- هل تريد سيجارة ؟
- ظننتك توقفت عن التدخين .
- آه..لا تستطيع التوقف عن التدخين عندما تكون حياتك مليئة بالإثارة هكذا .

تنهد ليام وقال :
- كم رسالةً وصلتك حتى الان ؟
- إثنتان .
- الاولى ..ماذا فيها ؟
- حسبما أذكر..صورتين لذلك الطريق المشؤوم .
- حسبما تذكر؟! هل نسيت ؟
- لا! لم أنسى لكنني حرقتها وأسرفت في الشرب بعدها لذلك لا أذكر بالتفصيل ما رأيت .
- حرقتها ؟ اه..لعله تصرف سليم ، ليتني حرقت رسائلي انا ايضاً .

انحنى الغريب ووضع مرفقيه على ركبتيه وقال وهو يحدق في المارّة :
- إيـه..قل لي ، ليام ، كيف حال زوجتك ؟
- بخير..لقد رزقنا بطفله .
- حقا؟ هذا جيد..على الأقل واحد منّا إستطاع مواصلة حياته .

- يبدو بأنك أنت ايضاً واصلت حياتك..حسبما سمعت فقد صرت كاتباً مشهوراً .
- ليس بالأمر المهم..تعرف أن خيالي واسع فقررت نقل تخيلاتي الى الورق .

ثم مالبث كلاهما صامتين حتى قال ليام :
- لقد نسينا المهم! أنا خائف..ماللذي يجري؟!
- لا ادري..سنفهم مع مرور الوقت بالتأكيد.
- لماذا تبدو غير مهتماً ؟

قال الرجل :
- انا بالفعل غير مهتم..فلا شأن لي ، لا تنسى يا ليام أنك أنت من قتلت مايكل ولأنك ثري فقد تكتمت على الأمر بمثاليه .
- هاهاها..حقاً ؟ الان تذكر هذا ؟ إذن فأنت مستعد لتشي بي! هل أنت متأكد بأنك لست خلف هذه الرسائل ؟ فهذه التصرفات الجنونية تليق بك يازين!

- على مهلك..سيسمعنا الاخرون .. لقد تعاونت معك وحافظت على صمتي عندما رأيت والدة مايكل تموت حزناً على أبنها..فلماذا سأبعث لك برسالة ساذجة كهذه الان؟ ثم أنني تلقيت مثلها !
- سترسل لنفسك بالتأكيد لكي لا أشك بك .
- هاها ، هل تكثر من القصص البوليسيه؟
- زين! سأسال هذا مرةً واحده..فقط للتأكد..هل مات مايكل فعلاً ؟

تنهد المدعو زين وقال : نعم..لقد رحل للسماء .
- إذن..فهنالك شخص آخر يعرف كل شيء ، وهو الذي يرسل لنا هذه المظاريف .
- هذا أمر مفروغ منه..هنالك من يعرف..لكن لا تنسى أنك طلبت المساعدة من معارفك في ذلك الوقت..يعني بأن هنالك الكثيرون يعرفون.
- لا..لا أحد يعرف التفاصيل الدقيقة سواي أنا وأنت..وحتى الان..فالمرسل لم يأتي على ذكر تلك التفاصيل .

نهض الشاب الاخر وهو يقول : نعم..لننتظر ونرى هل يمسك بالطعم أم يكون ذكياً .

ثم غادر .

-
زين ، هو شاب يبلغ من العمر ثمانية وعشرون سنه ، كاتبٌ ذاع صيته في الآونة الاخيرة بعدما كتب مجلداً من ستمائة صفحه يروي فيه حياة ثلاث بنات يتيمات مع عمتهن المريضه ، وقد لاقى هذا الكتاب شهرة ونجاحاً كبيرين .

𝖥𝗋𝗈𝗆 𝖬𝗂𝖼𝗁𝖺𝖾𝗅 : 𝖶𝗂𝗍𝗁 𝖫𝗈𝗏𝖾 .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن