مريضة جدآ لكن أكره الأطباء والممرضين والمستشفيات والعيادات الخاصة وملايات السرير البيضاء والأدوية وتشارلز بست و تيودور بيلروت ..لا لشيء سوى لأن الجميع عاجز عن معالجتي ووصف دواء مضاد للإكتئاب والقلق والنحس ..
كيف لي ان أدس مشهد حياة جميلة في عقلي المسحوق بالكآبة ؟ إن تربة رأسي لا تنبت سوى الشك ، أشك حتى في كونك موجود! أرأيت حجم الكارثة ..
أعاني الكثير من الصعوبات في النطق ، والتركيز ، والنوم ..في الضحك والتنفس ..في عدم مقدرتي على إجراء أي حديث مع أحد ..
لا أفعل شيء عدا محاولة النوم منذ أسبوع ، أتصارع مع الليل والأرق والماضي والحاضر والمستقبل ..أسقط ، أقع أرضا ، أتهشم أعود خاسرا منهكا لحضن الوحدة ..أجهز نفسي لعراك آخر خاسر !
يا له من عمر حافل بالخيبات وبالوعود الكاذبة والتصرفات الغبية والمواقف المقرفة والمحرجة ...
أفكر في اللحظة التي يباغتني فيها النوم دون أنام ! وفي الممر الذي عبرته دون أن أصل ، وفي وجهك الجميل ابن الكلب الذي لم أتمكن من ركله للجحيم أعرف الليل من رائحته ، من ملمس جلده الخشن ، من حذائه الذي يتركه خلف الباب قبل أن يدخل ، ومن قنابل ذكريات موقوتة يفجرها تحت الوسادة ..أعرفه ولم أكن مهتما حينها بلون بشرته السوداء ، لم يكن هدوءه يشكل فارقا بالنسبة لي ولم يكن نباح الأرق يمنعني من سماع موسيقى الكون ..
أعرف الليل من نصوص ناعسة أقرأها بملل ..
من رسائل " تصبح بخير " ذابلة تتسلق بريدي الإلكتروني ..
أعرفه من هيئة جاري السكران وهو يتمايل في سلالم العمارة ..
من شخير يتسرب من شقة مجاورة ..
من تعب الشوارع وإختفاء " زحمة السير " ..
أعرفه من ربطة عنقه وهو يقفز خلف الباب ، من سجائر كيف تحترق بيد مراهق يجلس في الشرفة ..
من برنامج تلفزيوني سخيف اعتدت مشاهدته ..
أعرف الليل كما أعرف رفيق طفولتي
ولا يهمه كثيرا أن أعرفه ..
لأنه يتذكرني الذي كنت اقف كل يوم بشكل مائل فوق سطح العمارة وارشقه بالمصابيح والحجارة والعصي والعصافير والكراسي والطوب والأحذية والزجاجات والرسائل والأقلام والكذب والتهم والشتائم والبكاء ..
الكاتبة
ازاد حسين
أنت تقرأ
السكوت لغة المجروح
Short Story"أنا من الذين يتكسّرون في الصمت، من الذين يُظَن أنهم أقوياء فلا تعانقهم الأيدي ولا كلمات الطمأنة عن كل لحظةٍ تمشي على قلوبهم بالقلق والخوف."