الفصل الأول

454 30 126
                                    

عندما يعجز التفكير متلاشيًا وتُقرع طبول الفزع؛ يتولّى الخوف مهمة قيادتك.. فلا شيء أسوأ من أن تكون بين خيارين أحدهما خطر معلوم مُكشرًا أنيابه، والآخر مجهولّ مُطلق لا تعرف عنه شيء.. نتيجة صراعك ستحسم الأمر وتحدد الخطوة التالية..

وبين هذا وذاك قد تخترق كيانك رصاصة إدراك بعيدةً كل البعد عمّا أنت فيه.. طلقة هدفها الروح، تُعلِن شغبًا وتشن حربًا أطرافها كلها أنت، نتيجتها استسلامك المُعتّق باليقين وتجاهلها ثقبّ بحجمك أنفاسه الضياع..
                          .....................

منطقة دهوك شمال العراق كانت الوجهة الأخيرة لختم مغامرتنا التي لم تخرج عن حدود بلدنا.. ما سمعناه عنها أشعل حماسنا وأوقد فضولنا لاكتشاف المجهول..

تركنا كل المساحات الخضراء والمناظر التي بسحرها تسلب القلوب، وذهبنا باحثين عن ظالتنا في أرض قاحلة معالمها الجبال والصخور..
العزلة أوحشتنا لكنها صقلت حماسنا، إلا أن الحماس وحده لا يكفي ولا يطفئ شعلة الفضول، بل أحيانا يجب سكب الماء عليه ونسيانه، فليست كل الأسئلة تحتمل جواب، وليس كل غامض من الممكن إليه الوصول.
.
.

نظرت عبر المرآة التي أمامي لأيهم ورائد الجالسان في الخلف، كلًا منهما صاعرًا وجهه للجهة الأخرى يتظاهران بمراقبة الطريق.

تحدثت لكسر الصمت المزعج:
«حسنًا، لنتحدث عن مخطط رحلتنا الذي تحول لاتجاه آخر في لمحة بصر.
قررنا القيام برحلة لمدة أسبوع لقضاء وقت ممتع والتخييم، إلا أننا بعد مرور أربعة أيام تحدثنا عن الغموض وساقنا الحديث لتذكر بعض الخرافات التي قِيلت عن بعض جبال وكهوف دهوك، لنقرر بعدها نحن الأغبياء الذين لا نفقه بأمور الاستكشاف والبحث شيءً أن نوثّق الخرافات كحقائق! وبدل الاستمتاع بالطبيعة أتجهنا لأرض قاحلة ونصبنا خيمتنا في كل مكان في العراء، وكالجن نتنقل من كهف لآخر دون مخطط أو هدف ولِأربعة أيام! كل هذا بسبب حديثنا المتحمس الذي لم نكبحه وأعطيناه أكبر من حجمه!»

عدل أيهم نظارته وتنحنح مشيرًا للطريق أمامنا:
«انتبه للطريق وركز عليه بصمت»

تحدُّث أيهم بهذا الهدوء ليس سوى محاولة لكبح غضبه الذي لا مبرر له، كذلك رائد الذي يبدو وكأنه حتى لا يسمعنا!
لمْ يعترِضا بشكل كافي عندما قررتُ إنهاء الرحلة، فلِماذا كل هذا التجهُّم والغضب!؟

طلقةُ إدراكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن