الفصل الثاني

159 19 109
                                    

عدنا مسرعين آملين أن يمر الأمر بسلام وبشكل طبيعي، لكنه تكرر..

نظارة أيهم انكسر زجاجها تمامًا، لذا احتل كرسي القيادة ليضغط على البنزين بينما أتى رائد ووقف بجانبي في الخارج للمراقبة..
حركة الإطارات والرمال تحتها يبين أنها تسير دون عراقيل، لكنها لا تتحرك عن مكانها إنشًا واحدًا! كلما ركزنا على حركة الإطارات شعرنا بالدوار واختلال في التوازن والرؤية! يتكرر ذلك في كل محاولة ويتوقف بمجرد توقف حركة العجلات!
ارتعبنا وشعرنا كأننا في بقعة خارجة عن الزمان والمكان..
أدركنا أن ما يحدث ليس سوى أمر خارق للمعقول..

بخطوات بطيئة تقدمت للأمام، وجهت المصباح لآخر أثر للإطار حيث ارتطمت السيارة، تبعني كلاهما دون السؤال أو نطق كلمة واحدة..
لا أعلم لما مددت يدي في الفراغ متوقعًا لمس ما يشبه الحاجز!
في الحقيقة أنا لا أعلم ما يجب توقعه، فما نحن فيه ليس مجرد وهم وعدم إدراك كما كنت أظن بدايةً؛ بل شيء خارج عن المألوف، قيامي بذلك لم يكن إلّا لتحويل التأكد إلى يقين..

مد كلاهما أيديهما كما أفعل، يبدو أنهما فكرا مثلي.

لا شيء غريب.. سحبنا أنفاس كنا نحبسها لتوقع غريب.
دون قول شيء توجهت للوراء مصوبًا المصباح على آثار الإطار في الخلف، كانت عميقة كما في الأمام، تمامًا كتلك التي تتركها العجلات عندما تصتدم السيارة وتفقد حركة سيرها الطبيعي.. لكنا لم نرتطم بشيء!! والأغرب أنه لا أثر بعدها!
لِمَ يظهر وكأن السيارة لم تلامس الأرض إلا في هذه البقعة اللتي توقفت فيه!؟
أنا حقًا مشوش..

أسرعت مهرولًا لتفحص مقدمة السيارة، هنا وقفت مشدوهًا وكأن صخرة كبيرة حطمت رأسي.. ارتعدت وتعالى لهاثي..
شعرا بالارتباك لحالتي فنظرا للمكان الذي سلب تركيزي حيث مقدمة السيارة محطمة كلّيًا.

هز رائد كتفي بعدم استيعاب، يسأل عشرين سؤال ويستفسر ألف استفسار بشكل هستيري، بينما جلس أيهم بصدمة ناظرًا حوله بضياع.

تخللت أصوات المفترسات أسماعنا من مكان ليس ببعيد، أعادنا هذا لوعينا وأسرعنا نحو السيارة للاحتماء داخلها، فإن كنا عاجزين عن إيجاد تفسير لما يحدث فلن نستطيع البحث والوحوش تقترب. البقاء داخل السيارة حتى الصباح أو مرور أحد من هنا هو كل ما بوسعنا فعله..

هممنا بصعود السيارة، إلا أن صرخة أيهم وتراجعه للوراء أوقفنا، يتقفز بشكل فزع:
«لمست شيء! هناك شيء!»

كانت صدمتنا كفيلة بشل أجسادنا.. فالأفاعي الصغيرة والعقارب تملأها وتغطيها من الداخل بالكامل!

نزلنا منها للتو، فكيف حدث هذا؟!

-عندما يقودك تتبع المجهول إلى مجهول أكثر تعقيد فينعدم الجواب رغم رؤيتك الجليه؛ تدرك حينها أن تفسير المجهول هو الضياع، فالجهل أحيانا نعمة..-

طلقةُ إدراكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن