بعد أن نجا "أبو سفيان" بقافلة قريش ووصل بها إلى مكة آمنة، حدثت بعدها غزوة بدر الكبرى التي انتصر بها المسلمون على كفار قريش، وألحقوا بهم الكثير من الخسائر، فما كان من "أبي سفيان" إلا أن قرر الانتقام من المسلمين، ونذر ألا يمس رأسه الماء من جنابة إلا بعد أن يغزو المسلمين
فخرج "أبو سفيان" ومعه مئتا راكبٍ من كفار قريش لأجل أن يبرّ بيمينه وينفذ النذر الذي أنذره، فوصل إلى المدينة ليلًا، ونزل ضيفًا عند يهود "بني النضير" الذين كانوا يسكنون المدينة المنورة، وتوجه إلى زعيمهم "حيي بن أخطب" لكنه رفض استقباله وخاف من أن يفتح له لأنه يعلم أنه لم يأتِ إلا بشر، فنزل ضيفًا على "سلام بن مشكم" سيدهم وصاحب كنزهم، وتشاور الرجلان في أمر المسلمين فعلم منه خبرهم، وأخبره بما يجري في المدينة المنورة من أحداث؛ وأخبره بحال المهاجرين والأنصار، خصوصًا أنه يهودي واليهود لا أمان لهم، فخرج "أبو سفيان" في ليلته، وبعث رجالًا من "قريش" فوصلوا إلى شرق المدينة وأتوا إلى "العريض" فحرقوا بعضًا من نخلها كما قتلوا رجلًا من الأنصار يسمى "معبد بن عمرو" كان يعمل في الفلاحة، ورجلًا آخر حليفًا له ثم عادوا، وبهذا رأى "أبو سفيان" أنه أوفى بنذره وغزا المسلمين، ثم رجع هو ورجاله إلى مكة، وكان هذا هو سبب قيام غزوة "السويق".
بعد أن وصل خبر ما فعله رجال "أبي سفيان" إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فعقد العزم على الخروج إليهم وجمع جيشًا من المهاجرين والأنصار قِوامه مئتا مقاتلٍ، واستعمل على المدينة المنورة الصحابي "بشير بن عبد المنذر" -رضي الله عنه-، وكان خروج الرسول -عليه الصلاة والسلام- للقاء قريشٍ في يوم الخامس من شهر ذي الحجة، وعندما علم أبو سفيان ومن معه من الكفار بخروج النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن معه من المهاجرين والأنصار للقائهم، استعجل في الفرار بعد أن دبّ الرعب في نفسه هو ومن معه خوفًا من المسلمين، حيث اعتبر أنه قد بَرَّ بيمينه وانتقم لهزيمتهم في بدرٍ بقطع النخيل وقتل الرجلين، وأنه بفعلته هذه قد أوفى بالنذر الذي نذره على نفسه؛ مما جعلهم يلقون بما معهم من السويق تخفيفًا للحِمل كي لا يدركهم المسلمون ويُقاتلوهم.
بعد أن وصل المسلمون إلى المكان الذي كان فيه "أبو سفيان" ومن معه لم يجدوهم، ولم يستطع المسلمون إدراك جيش قريش لأنهم كانوا قد ابتعدوا عن المكان، فعاد المسلمون إلى المدينة المنورة دون أن يحدث بينهم وبين المشركين أيّ قتال، وكان ذلك في العاشر من ذي الحجة
*سميت الغزوة "ذات السويق" لأن كفار قريش قد القوا ما معهم من تمر عند فرارهم من المسلمين وكان ما القوه هو غنيمة المسلمين
*حدثت غزوة بدر في شهر رمضان وحدثت غزوة السويق في شهر ذي الحجة