16 5 0
                                    

في حضرة الحب وحده تشعر بحجمك الحقيقي، تسلّم بكونك ضئيلا جدا، لستَ أقرب الناس إليك، ونفسُك ليست موضع راحتك، وروحك ليست بئر أسرارك الأبديّ، وأنتَ ليس المفضّل لديك أنت.
..
تحاول مع نفسك أن تبكي ولا تستطيع، تستجدي الدمع من الحلق ولا يصعد إلى العينين، إلى أن تأتي نفس تحبها، تبكي لها قبل أن تحكي لها، وترجو من الدمع أن يسكت فلا تجده إلا ثرثارا على وجنتيك. وتحاول أن تجد في روحك السلوى فتخذلك، وأن تلتمس في صدرك النجوى فيذيع سرك، إلى أن تأتي روح ترتاح إليها فتجدها بئرك التي لا تذيع لك سرا، ولا تفضح لك أمرا، ولا تفني لك عمرا.
..
وتكتشف أن نفسًا وُلدت بها -وُلدتَّ فوجدتها-، ليست أقرب إليك من نفسٍ وُلدتَّ بها -وُجدَت فولدَتك-. وإن ذلك هو أقرب تفسير لغربة الإنسان في نفسه ووحشته في عزلته، وهو أن داخله معطل حتى تشغله النفس صاحبة القرب الحقيقي.

يوسف الدموكي

نجومي 3حيث تعيش القصص. اكتشف الآن