- بدايةالنهاية
مد الخدم طاولة في الغرفة الخارجية التي يضيئها دائما مصباح كهربائي معلق على الجدار يشع منه نور هادئ . كان غطاؤها ابيض ناصعا والأدوات من الفضة ويزين الطاولة إناء صغير فيه أزهار.
كان عشاؤها أكلة يونانية يسمونها موسّاكا وهي تشبه اليخنه عند العرب فيها باذنجان ولحم مفروم وجبن وبندورة مع البيض ورؤوس بصل بحجم الكشتبان .أما التحلية فكانت حلوى بالسكرالمحروق مع الجوز.
تنشقت فني نسيم المساء الذي يحمل أريج الأزهار المتفتحة ، وعلى غير عادتها أخذت تستمتع بوحدتها وانفرادها.
وانتهت من الطعام فوقفت عند الشرفة واتكأت عليها بقفطانها الطويل وخفها المطرز و كأنها أليس في بلاد العجائب . وفيما هي كذلك سمعت وقع أقدام آتيه نحوها . كانت القادمة ادلينا مرتدية قميصا كله ثنيات وتنوره حمراء طويلة. ولما التفتت إليها فني انتبهت إلى تسريحة شعرها المعقوص إلى الوراء والى سحنتها التي يخفق المرء في قراءة تعابيرها.. إذ لا فرق بين هذا الوجه والقناع . وشبهتها فنّي بصورة الخارجه من القبر الفرعوني..
عندما تعرفت على زوجة ديمتري للمرة الأولى تكوّن لديها انطباع بأنها متكبرة ولاذعة... ولكنها وجدت ان فيها خصلة التنكيت حتى في كلامها الذي قد يعتبر مرّاً لأول وهلة...لا تخفي ادلينا عن الناس انها تهتم بنفسها لدرجة كبيرة . ولكن ذلك لا يؤثر في حب زوجها اللامتناهي لها. ومن العبث توجيه النقد إليها طالما زوجها يتقبل ذلك .
وتجد ادلينا ان الحب انفعال غير مألوف كالألم الممزوج بالنشوه ودخلت في الحديث مع فنّي فقالت:
(( اخبرني زونار انك تناولت عشاءك في أبهة خالية من الرفقة ، فقلت لنفسي انه لابأس إذا مكثت معك برهة من الزمن هل يضايقك ذلك؟))
تقدمت ادلينا نحوها بخفة القط وبين أصابعها سيكار. وأضافت تقول :
(( لن أزعجك بحديثي .. وهكذا تضرر جلد الأسد في بعض نواحيه . يمكنك اعتبار حياتك محفوفة بالخطر))
كانت فنّي تزن كلماتها في حديثها مع ادلينا. فهذه الأخيرة لا تزّل في كلامها لشدة احتراسها في ما تقول ، وحرصها على مظهرها وتصرفاتها. وهي تحب ان تكون موضوع حب وإعجاب الجميع، ولكنها لاترد الثناء بالشكر او بكلمة لطف . أما موضوع الحب فهو انه يسبب القلق والهموم والتجاعيد في وجه المحب . ولذا تبتعد عنه قدر المستطاع .
لم تفهم فنّي معنى عبارات ادلينا عن الخطر فقالت :
(( حياتي في خطر؟ لماذا؟ ))
((هراكليون رجل خطر. ورغم كونه مثيرا للاهتمام فهو صعب المراس كأي حيوان مفترس . وأنا اعرف موقفي من زوجي الذي له شكل هراكليون ولكن من دون صفاته الممقوته . فديمتري لا يهتم مثلا باني لا ارغب في إنجاب أطفال له. وارى ان حياتك مع هراكليون حياة اختبارات شاقه . منها لا يتسامح مع من يرفض او من يستعمل كلمة ,لا ))
أنت تقرأ
دمية وراء القضبان (فيوليت وينسيبر)/ روايات عبير القديمة
Romantikالملخص اكذوبة واحدة تكفي احيانا لتفتح ثغرة بحجم المرارة في حياة اثنين .... والمرارة طريق شائكة بلا عودة والدافع هو الحب الجنوني.... ولكن النتيجة غالبا ما تكون القسوة أوالإحتقار, أو الاثنين معا ...... هذا ما اكتشفه هراكليون مفراكيس الثري اليوناني الذ...