🌗°٠رسول الشرق٠°🌗

35 2 0
                                    

صمت يسبح في الفضاء لا يكسره سوى نغمة تلك الترنيمة التي يتردد صداها في عمق روحي لأنشدها دون كلمات

تلك الموسيقى الساحرة هي الوحيدة من شأنها أن تخمد أحزاني و تمدني بدفئ عجيب على تحمل هذه الأيام الرتيبة

لقد مر أسبوعان ....

أسبوعان حدث فيهما الكثير ، فبعد موافقة أمي على شرط إسماعيل بالعمل عنده بدوام كامل مقابل غفره لذنبي قامت القيامة عند والدي عندما أعلمته والدتي بالأمر لدرجة إحتدام الشجار بينهما و تعنيفها بقسوة و لولا وقوفي كحاجز هش بينهما لما صب إهتمامه علي و جرني خلفه بوحشية للبقالة

و هناك أسمع لإسماعيل كلاما كالسم تخللته الشتائم و أقبح الألفاظ ، فعمل يهودي عند مسلم ما كان ليقبله والدي إلا بشرط واحد .... و هو الدفع مقابل الخدمة

فحينما سمع أبي بسيرة النقود جام غضبه إندثر و تلاشى، و كأن بركانا لم يثر قبل قليل حتى أنه رحل تاركا إياي وحدي أحدق في ملامح إسماعيل الرازنة دونما أن يرادد أبي و يجادله ، هو حتى لم يهدده بعاري و لم يبدُ عليه الغضب

حتى مهام عملي لم تكن بتلك الإعجازية كما تخيلت ، كانت أعمالا بسيطة كترتيب الأغراض - و التي لم تكن بالكثير البتة -بعد إحضارها من المخزن أو الإلتهاء بعملية البيع و الشراء إن لم يكن إسماعيل موجودا

و أثناء مزاولتي لعملي يجلس إسماعيل في بعض الأحيان بجانبي يقص علي قصصا عشقتها روحي من ذاك الكتاب المزخرف ، و الأحب إلى نفسي من مجموعة الروايات حين يكون موضوعها متمحورا حول ذلك الرجل النبيل

لم يخبرني إن كان من الأنبياء أم من كبار المناصرين بإحدى الديانات كل ما قصه علي بساطة عيشه و ما تركه من أثر طيب من صفات حميدة شهمة إتصفت بالأمانة و الصدق و النزاهة لتمتزج مع رجاحة عقل و لسان لا يخرج إلا بلسما شافيا ليصب هذا المزيج العطر نادر الوجود في قالب روح نقية طيبة لا أعتقد بأنها ستكرر مجددا

و قد أبدو ربما أصما لإسماعيل حينما يروي قصصه أو غير مبال بتعابيري المتمللة إلا أن هذه السلسلة من القصص كانت إستثنائية لي ، أحببت صفات هذا الرجل الطيب و عشقتها أكثر حينما ترائا لي إعجاب أمي الشديد بها حينما أحدثها عنه و أخبرتني بأنها تتمنى لو إقتديت بصفاته المحمودة

و هنا كنت أتسائل لو كان نبينا موسى بمثل صفاته؟ فلا أذكر أن والدَاي قد حدثاني عنه قبلا

كل شيء كان يسير على ما يرام ما عدا الأيام التي يخرج فيها إسماعيل و يسلمني إدارة البقالة ، فحينما يعود لا أرى سوى أمارات الحزن تعتليه و تلك النظرات المنكسرة تغزو عيناه ، ثم يشرع بكتابة شيء ما بداخل تلك المذكرة الصغيرة و التي حملت على غلافها عنوانا براقا بإسم  "رسول الشرق "

🔆٠'الجنة الضائعة'٠🔆حيث تعيش القصص. اكتشف الآن