|٦|

1.3K 240 131
                                    

أسيرُ على قارِعة الطريق أعود أدراجي نحو المنزل، أُخبئ كِلتا يداي داخل جيوبي وأستمتعُ بالنسائم الباردة التي تُسبّب لأنفي قشعريرةً طفيفة.

استحوَذ على فِكري ما دار بيني وبين ليَام مُنذ وقتٍ مضَى، ولا سيّمَا آخر مُحادثةٍ خُضناها في المقهى، ولَّدت في نفسي حيرةً لم آلفها!.

بعد أن حظينا بِبعض المرح في الكرنفال، أخبرني أنّ هُنَاك مقهى قريب لديهم أصنافًا مُذهلة من الكعك لا تفوّت، وبناءً على عرضهِ المُغري بالدفع قُمتُ بالموافقة دونَ تردّد.

دلفنَا إلى المقهى معًا وقد كان الطابق الأوّل منهُ مكتظًا بالأشخاص، ولأنني لا أُحبّ الازدحام وكزتُ ذراعه لِنعاود الخروج، بيدَ أنهُ أظهر لي ابتسامةً بلهاء وأمسك بيدي من فورهِ ليسحبني معه نحوَ الطابق العلويّ على مضض.

بدَا المكانُ في غاية الجمال، لم يكُن دافئًا في الحقيقة فلا سقيفةَ فوقنا، ومع ذلك بطريقةٍ مّا، سماءُ الليل التي نثرت بِنجومها في كل مكان، والمنظر المُطلّ على المدينة بينما تُغطّي الثلوج كُلّ ساحةٍ فيها، جعلني بشكلٍ غريب أشعُر بالدفء يتسلّل إلى قلبي.

"ما رأيك بشاي البابونج؟" نطَق تزامنًا مع جلوسنا، وقد كان وجههُ مُحتفظًا بالابتسامةِ منذ ذلك الحين.

"لا أُحبّ الشاي، أُريد قهوة بالحليب" وما إن تلفّظت بهذا حتّى شخّص بصرهُ فجأة وطفق يرمقني بِحدّة وكأنني قُمت بشتمه!

مالأمرُ معه! يُثير ريبتي...

"الشاي! إنهُ الشيء الذي أعيش لأجله، كيف لا تُحبينه؟".

تحدّث بِحماسةٍ بينما يطرق على الطاولة ويُحرّك يداهُ بانفعاليّة، وكأنهُ يُدافع عن إحدى قضايا العالم المُهمّة، مهلًا لحظة! إنهُ مُجرّد شاي يا رجل!.

شزرتهُ بامتعاض بطريقةٍ جعلتهُ يتصنّع السعال ويُعدّل من وضعية جلوسهِ قائِلًا "حسنًا لا يهم، قهوة يعني قهوة".

أدلى للنادل بِطلباتنا بينما كُنتُ مشدوهةً بتأمّل كُلّ شيء.

وأعنيها بكلّ شيء، بدايةً من افتتاني بتناثر النجومِ والتي لم أكُن أُلقي باهتمامي لها من قبل، نهايةً إلى الشامة التي يمتلكها أسفل مُقلتهِ اليُسرى، لقد كانت هُناك منذُ البداية، لا أعلم لمَ طفقت أُحملق بِها فجأةً!... يالغرابتي.

"ألا زِلتِ مُصرّة على الرحيل؟" نطَق مُباغِتًا ليُفيقني من شرودي، توقّفتُ للتفكير بِما نبَس بهِ لبُرهة، أجل... لا زِلتُ مُصرّةً على ذلك، رُغمَ شعوري الغامض بالاستياء، ولا أعلم ما سبب هذا الشعور، رُبما لأن علاقتي مع آلبرت قد أخذت مُنعطفًا آخر! لكن هذا لا يهم، لن أدع أمرًا مثل هذا يؤثّر على قراري.

رفيقُ الحانةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن