مدخل

760 67 65
                                    

أن تولد بهبة ليست عند الآخرين أو أن تختلف عنهم بشيء هو خطيئة كبيرة في هذا العالم. 

كليوديس، في هذه الأرض يُقدّم لك احتمالان اثنان متعارف عليهما منذ القدم؛ إمّا أن تُولد وأنت تحْمل علامة «كرسيس» وبموجبها تُحال إلى المجالات القتالية في أرض كليوديس وتنمّي مهاراتك القتالية، وأن تولد بعلامة  «لويدوس» وتفنى أنت وعمرك في المختبرات والأبحاث للخروج بشيء يخدم الجيش وينمّيه. 

فهذه هي الطّبيعة التي هذا العالم حيث يتشكّل التّوازن بين القوّتين، لمواجهة ماذا؟ لمواجهة المجهول. 

فماذا إن ولدت دون علامة ترشدها أين تنتمي؟ مجرّدةً كانت من مجدها وفوائدها، بين ليلة وضحاها صارت عارًا على كلّ العوائل في البلد، صارت مجرمة فارّة ومطلوبة للعدالة، ذنبها أنّها ولدت ناقصة، دون معاييرهم السخيفة التي حدّدوها للبشر، وبات أمر التّخلّص منها واجبًا على كلّ مخلوق حيّ، التّخلّص من العار هو مرادهم القديم، وإعادة التّوازن للعالم سعيهم الجديد، فهل هم بكفء لاسترجاع هذا التَّوازن، أم أنّ هذه الأرض العريقة ستتكرّم وتهديها فرصة الحياة الثّانية؟

افتح عينيك وركّز معي، التّمرّد والدّمار، السّلطة والخراب، الحقيقة والمجهول، كلُّ شيءٍ فاسد، هذه هي طبيعة أرضِ كليوديس، حيث الجميع يصارع للبقاء على قيد الحياة، يصارع لإيجاد ذاته، لاحتواء نفسه، يصارع من أجل خدمة أرض وبلد حرمتهم كما رحمتهم من المجهول. 

المجهول الّذي كان سببًا في حرمانهم من الرّاحة والعيش الهنيء، ولربما في الحقيقة كان هذا الحرمان مقتصرًا على فئة معيّنة من الشّعب فقط. 

ففي كليوديس، التّقسيم الأوّل كان بالعلامات، أمّا الآخر فكان بالنّسب والسّلالات، العرق والعائلة، فكلّما كنت مولودَ عائلة ذات شأنٍ، زادت احتمالات عيشك الرغد وقوّتك.

سبعُ عائلاتٍ تسيّر شؤون هذه الأرض، سبعة رؤساءٍ، مقاطعات، سلالات، لكلِّ واحدٍ منهم شعارٌ معلّق على بذلته، حسب العائلة والمقاطعة الّتي تسيّرها والانتماء. 

حامون ،منقذون، صالحون... 

صفات عُرفوا بها  إلاّ أنّهم ما كانوا أهلًا لها، فهم من أقاموا المجازر، وأشعلوا الحقد بين النّاس، دمّروا المدن، أبادوا الشّعوب على مرِّ الزّمن، جَنّدوهم مدّعين الحماية تاركين الحقيقة وراءهم مطموسة، حقيقة كونهم كبيادق يُضحّى بهم حفاظًا على حياة الملك، أو بمعنى آخر حفاظًا على حياتهم. 

لم يتوقف الأمر عند كلّ هذا، بل زاد وتعاظم مخلّفًا موجةً من الوعي أفاق على إثرها بعض المتمرّدين الّذين شكّلوا جماعات معارضة سرّيّة. 

مظاهراتٌ خلت من السّلمِ، عمليّات تخريب، رموز ساخرة سياسيّة، كلّ ما يمكن لك تخيّله، قابلهم أصحاب السّلطة بالقمعِ والرّصاص فراح ضحيّتها العديد واستيقظ على وقعّهم الكثير.

شوارع ملأتها الجثثُ، جدران لُطّخت بالدّماء، بنايات انهارت، سماء شَحبت وتلوّنت سوادًا حدادًا على الرّاحلين، حزنًا على اللّاحقين. 

جمعتهم أرضٌ فاسدة، قادة أنانيون وشعب مثيلهم. تجمعنا أرضٌ واحدةٌ، مرادٌ واحدٌ، أمل واحد.

كليوديس، أرضُ اللّعنةِ. 

كليوديسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن