-1-

349 17 8
                                    

-غادري منزلي، أنت لم تعودي ابنتي، أنا ليس عندي ابنة بهذا الاسم بعد الآن، ابنتي ماتت، سآخذ عزاءك، وأبكي عليكِ، أنت انتهيت من حياتنا بالكامل، هيَّا ارحلي وخذي عارك معك، كنت أعتقد أنني ربَّيت ملاكًا، ولكنك أسوأ حتَّى من الشيطان، حقيرة كفتيات الليل، اخرجي من هنا.
صرخ ذاك الرجل بتلك الكلمات في وجهها ذو الملامح المصدومة، والدموع المتحجرة تتلألأ في عينيها الزرقاء الواسعة كلون السماء، تناظر والدها بعدم تصديق، كيف استسهل عليه قول هذا الكلام، يطردها من المنزل وهي في عمر الخامسة عشر فقط، بسبب تهمة باطلة تمَّ تلفيقها لها وهي بريئة منها.

-أبي أرجوك اسمعن...
-لا تقولي أبي لست والدك، هيَّا من منزلي اخرجي.

نظرت له بكسرة ومن ثمَّ حوَّلت أنظارها إلى شقيقتها تشاهد نظرات الشماتة في عينيها وكأنها عدوَّتها لا شقيقتها من أمها وأبيها، ألقت نظرة على والدتها تراها ترسم ملامح باردة لم تفكِّر حتَّى في مساندتها والدفاع عنها.

خرجت من المنزل بملابسها التي ترتديها فقط من دون أيِّ شيء آخر، مشت بضعة خطوات إلى الأمام لتجثو على ركبيتها وصوت بكائها بدأ يعلو ليتحوَّل إلى نحيب يؤلم القلب، وبعد بضعة دقائق من البكاء شعرت بشخص يقف أمامها، رفعت أنظارها إليه، وما إن شاهدت تلك النظرة الصارمة في عينيه حتَّى ازداد بكاؤها تتحدث بصوت متقطِّع قائلةً:

-كرم أقسم لم أفعل شيئًا، لا أعرف من هذا الشاب أقسم، كنت أدرس كنت أقضي الوقت في متابعة دروسي، الأساتذة سيشهدون معي، أنا ك...

-هيَّا انهضي.
قاطعها بتلك الكلمتين التي نطقهما ليقوم بمد يده نحوها يساعدها على النهوض، ثمَّ بدأ بالسير لتتبعه بشكل تلقائي فهو لم يترك ذراعها حتَّى، نظرت لوجهه ولكنَّه لا ينظر نحوها، لم تجد أيَّ حلٍّ أمامها سوى البكاء بصمت، لقد تدمَّرت حياتها بالكامل، وهي لاتزال في الخامسة عشر من عمرها، هي تدمَّرت وانتهى الأمر.

وصل بها إلى سيارته لتجد عمَّها يقف هناك وبجانبه حقيبة متوسطة الحجم، نظرت لعينيه تراقب ردَّة فعله، لتشاهد نظراته الحنونة لاتزال موجودة، هو لم يكرهها مثلما فعل والدها، هو ليس غاضبًا، هل هو يصدقها؟

سحبت ذراعها من ذراع كرم واندفعت نحو عمِّها الذي استقبلتها أحضانه سريعًا يحاول بثَّ بعض الطمأنينة في داخلها بكلماته الهادئه.

-لم أفعل هذا عمي أقسم لك.
-اهدئي يا صغيرتي أثق بك وأثق أنك لم تفعلي هذا، كل شيء سيكون بخير لا تقلقي، هيَّا لنخرج من هنا.

-ولكن ماذا عن أبي قال أنه لم يعد لديه ابنة ب...
توقَّفت عن الكلام وهي تشعر بغصَّة كبيرة في حلقها، كيف ستقول أنَّ والدها تبرَّأ منها.

-انسي والدك، انسي الجميع، ستبدئين حياة جديدة بعيدًا عن هذا المكان، فهو لا يستحق وجود ملاكٍ مثلك.
تحدَّث بحنان وهو يحتضنها، ليكمل قائلًا.

تمرد امرأةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن