تمرد امرأة

_3_

هبَّ واقفًا مع كلماته تلك يناظره بعدم تصديق، ليتحدث بغضب قائلًا:
-قصي هل أنت واعٍ لطلبك هذا؟ نور في الخامسة عشر من عمرها، هل تتوقع مني أن أرضى بزواجها في هذا السن؟ وفي هذه الظروف أيضًا، وكأننا نثبت صحَّة تلك الصور ونزوجها لنستتر عليها، هذا محال، طلبك بحد ذاته جنون، لا أصدق أنك تطلب مني أمرًا كهذا!

تحمَّل قصي موجة غضبه التي كان قد توقعها تمامًا، ما إن أنهى كلامه حتى بدأ يتحدث بهدوء قائلًا:

-كرم أنا أقدِّرُ ثورتك وغضبك من طلبي المفاجئ هذا، ولكن فكر معي بهدوء الآن، نور وكما تقول أنت طفلة، كيف ستبقى وحدها في المنزل، ماذا إن حدث شيء؟ إن أصابها مكروه، ماذا لو حاول أحدهم سرقة المنزل كونها تعيش فيه لوحدها، أو حاول أحدهم التهجم عليها، من سينقذها وقتها؟ أنا لن أكون قادرًا على البقاء معها ومساندتها هذا لا يجوز وأنت تعلم هذا حتى لو كانت صغيرة، ولكن إن كانت زوجتي ستكون بأمان معي وأنا أعيش وحدي تعلم أن عائلتي رفضوا القدوم إلى المدينة، وأعدك أنها لن تكون إلا شقيقتي طوال فترة زواجنا، وسأطلقها ما إن تنهي دراستها وقتها تكون شابه قادرة على التصرف وموازنة الأمور وتدبر أمرها، ولكنها الآن طفلة وهذا أكثر أمانًا لها، ومن ثمَّ من سيعلم؟ لن نخبر أحدًا من بلدتكم، سأقول هنا أنها شقيقتي الصغيرة جاءت لتسكن معي وتكمل دراستها هنا ولن يشك أحدٌ في الأمر، وبهذا نكون حللنا الموضوع.

نظرَ له وقد ساد الصمت التامُّ بعد كلامه هذا، ولكن هل تستقتنع نور بهذه الكلمات؟

......

-محال، هذا لن يحدث، يكفيني ما بي، لا تدخلوني في متاهة أخرى غير هذه التي لم أعلم حتَّى كيف أخرج منها، كرم أرجوك لا أريد مساعدته، لا أريد شيئًا، فقط أريد أن تكون حياتي هادئة أرجوك كرم لا تضعني في مثل هذا الموقف.

تحدثت بقهر ودموعها أخذت مجراها على وجنتيها ترجوه ببكاء ألَّا يوافق على هذا الجنون.

-صغيرتي أنا لا أجبرك، ولن أجبرك على شيء لا تريدينه، لم أفعلها سابقًا لآتي وأفعلها الآن، قصي اقترح الأمر وأنا عرضته عليك، وأنت من يقرر هذا لا أحد آخر.

-إن قلت لا، لن يتم هذا الزواج؟
-نور ألا تثقين بي؟ كلمتك هي الفيصل، نعم أو لا؟
-لماذا يريد الزواج بي، عمري خمسة عشر فقط لا أزال قاصرًا، كذلك لقد خرجت للتو من فضيحة أذهبت شرفي بشربة ماء.
-نور لا تجعليني أغضبك، شرفك محفوظ ولن يتجرأ أحد على المساس به، فقط أعود للقرية وسأريهم جميعًا أقسم، أما قصي، فقد قال أنك ستكونين شقيقته الصغيرة، وهذا الزواج فقط حتى لا تكوني وحيدة لمدة أربعة أيام في الأسبوع، حتى لا يقوم أحد باستغلال وجودك لوحدك، هذه فقط غايته، وأنت تعلمين جيِّدًا من هو قصي وما هي أخلاقه، ولولا ثقتي به لما أخبرتك بعرضه، رغم أنني لن أفعل إلا ما تقولينه أنت.