الفصل الأول

718 68 124
                                    

لا تنسوا التصويت والتعليق بين الفقرات💙✨
—————

لعن حظَّه، وسابقت قدماه الريح كما تسابقت دموعه على وجنتيه هلعًا. تعثّر بقدميه ووقع على رمال الشاطئ البارد، لم يُسعفه ضياء القمر برؤية ما أمامه ولا ما خلفه، ولم يعنهُ صوت موج البحر على إخفاء دوي قلبه المنتفِض.

حمَل نفسه على النهوض، وسرعان ما عاود يجري متجاهلًا الألم بكاحله. تركت قدماه آثارها بكل خطوة تتخذها، لكنّ الضجيج الذي علا من خلفه أرغمه على تركِ تلك الآثار ليسرع بخطاه ناحية الضياء الخافت الذي رآه لوهلة. تلعثم بدعواته راجيًا ألّا يكون قد تخيل ذلك الضياء، واستجيبت الدعوات عندما رأى خيال كوخٍ وحيد بوسع الشاطئ.

عرَج ناحيته ملتفتًا بكل ثانيةٍ ليطمئن من أن لا أحد قد رآه، دعا أن تشتت الرياح ما ظهر من خطواته على الرمال لئلا يجدوه، وحالما صار الكوخ قريبًا منه حتى دفع بابه القشّي بيديه المتألمتين ليدخل ويغلقه وراءه فورًا.

جال بنظره أنحاء الكوخ، وعندما لم يجِد أحدًا أخذ الشمعة التي وُضعت عند النافذة، ثم جلس بزاوية متكورًا أمامها علّه يجد من نارها شيئًا من الدفء، وأخيرًا أُغلقت عيناه عنوةً استسلامًا للتعب الذي اجتاحه.

«من أنتَ أيها الفتى؟» هزّته يدٌ أيقظته من غفوته، اتسعت عيناه وعاد للوراء جافلًا لا يرى شيئًا بعد اختفاء لهيب الشمعة.

«أرجوك، أنا بحاجة للاختباء هنا بعضًا من الوقت.» جاء صوته ضعيفًا متوسلًا، خائفًا من أن الذي أمامه قد يكون أحدًا ممن يطارده.

عادت شعلة الشمعة فجأة، وصار يرى ملامح من هو أمامه. بدا كمن هو من كبار السن ببني جنسه، وطمأنه ذلك قليلًا.

«ما أسمتكَ والدتك؟» سُئل مجددًا.

أرخى كتفه الذي تصلّب لنومه جالسًا وابتلع ريقه «أدعى قُطيط...»

قطّب الرجل حاجبيه، وبدت عيناه أكثر ظلمةً مما كانت عليه «سألتك ما أسمَتك والدتك.»

«أسمتني بومقيو.» أجابه وقد بدأت نبضات قلبه تتسارع.

أومأ الرجل «أرى خوفَك الذي لا داعي له يا بومقيو.» استدار حاملًا الشمعة معه ليضعها على طاولة ويجلس على كرسي لم يرَهما الشاب عند دخوله «ما الذي جاء بك إلى هنا؟»

أجاب «إنني هاربٌ من ساكني المملكة.»

سُئل «وما الذي جاء بك للمملكة؟ فأنت لست من قوم العقَّاد.»

بشَريّ | تشوي بومقيوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن