¹

104 17 39
                                    

تَحركَ لِيجاسوس بَين الحُشود حَتى السَفينة مُرتَحُلًا إلى ذَلكَ الإقليم القَريب، إلـى إيليـس حَيث مَعبد هَاديس..هَاديس مَـا لا يُنظر لا يُرى، وكُـل مَـا تَمنى لِيجاسوس أن يُناظر.

إتخذَّ الشَـابُ ذَا البِنية المُستضعفة أرض السَفينة لَه مَضجعًا، أخذَّ يَنظر لِزُرقة السَماء وجَمال طيور النُورس مَتى طَارت تَنوحُ بِأصواتٍ أزعجت أذانه.

لِيجاسوس لَطالمَا إنزعجَ وإمتعضَ مِن أشياءً لا حَصرَ لِها، ولا عَددًا.

كُل مَـا كَان لَه مَحبوبته صَديقة دَربه آغابـي، آغابـي ولا أحد سِواهَا مَن قَبِلَّهُ، إحتوت هِي غَضبه وقَبلت إمتعاضه ونَفقت بِسببه، بِسبب عِناده.

أخرجَّ هو زَفيرًا حَانقًا لِمَّا خَاجله مِن أفكار، آغابـي كانت  مَصدر الحُب ومَنبع المَشاعر لَه، لَم يَعرف غَيرها ولا يَقبل سِواها، لِبساتطها وهِي أحبته وهَامت بِه عِشقًا لِإختلافه.
لَطالما نَبذه الجَميعَ أمَّـا آغابـي..أمَّـا صَدرها المُحب فَقَبِلَه.
لَكنها الآن باتت آسيرة هاديس إله الموت، أسيرة الجَحيم وضَحية عِناده.
إنعقدَّ حَاجبَا لِيجاسوس بِلا إرتخاء فَطوال رَحلته الصَاخبة إلى أيلـيس لَم يَنعم أو يَهنئ بِسويعاتٍ مِن الرَاحة حَتى.
لَيست أحد نَشاطاته مُخالطة البَشر أو حَتى النَظر لَهمْ، فَكانت إحتمالية قَتله لأحدهم  قَريبة والهَلاك  تَحت يَديه كان مَـا أسهل مَناله وسائِغٌ هُو القَتل لَديه كَمـا فَكَّ السُفن مِن مرفَاها.
سَارَ لِيجاسوس بِخُطًا ثَابتةً إلى الأرض الغَريبة 'إيليـس'.

أغلبَ المَارين تَقززوا بَل اشمَئزوا مِن مَظهره الرَث، فَمَتى وُجدت مَعابد هَاديس وُجدَّ الثراء والرَخاء، لا إله المَوت فَقط وسَرْبَرُوس‎ كَلبه المُدلل ذُو الثَلث رؤوس.

أراحَ لِيجاسوس جَسده المُـنهك فِي عَتمة الليل عَلى أحد أعتاب المنازل الغَريبة هُناكَ، لا فُندق يَستقبله تلكَ الساعة ولا مَنزل يُرحب بِه.

«هَيي، يَا شَـاب الفِطر كَيفَ كانت رِحلتك. » هَمسَ أحدهم يَختبئ بيَن الشُجيرات ومَـا تَلقاهُ فَقط مِن لِيجاسوس كان الصَمت.
«أتبحث عَن الآغابـي؟ » رَفع لِيجاسوس وَسريعًا عَيناه يُناظر ذلكَ الصُوت لَكنه لَم يَفعل، لَيسَ مِن شِيَّم المُتحدث إظهار ذاته ولا مِن شِيَّم لِيجاسوس الإكتثار إلا لَها لِصوت الآغابـي لِصَوت الحُب.

«لَيست هُنا،  ألا تَعلم أينَ وضعها عِنادك، لِيجاسوس! قَد مَاتت فِداءً عَنكَ، أُضحية سَرقاتك وغِشك وهِي آغابـي لأجلك قَد نَفقت، لَأجلك أنتَ وحدك. »

«أعرض عَن نَفسك أيًـا كُنتَ يَـا مَن تَتحدث، وبِحَق آرتميس وزَيوس أنا لا أكتثرُ لِحديثك إلا إن كُنتَ ستُحاججني بِه وَجها لِوجه. »

خَرجَ مِن بَين الشُجَيرات وأوراق الصِفصاف الخَضراء، فَاره الطُول مَليح الشَكل، شَابًا جَميلًا كَبوسايدن مَهيبًا، كَزيوس عَظيم، يَحمل حُسن أفروديت، وطَهارة آرتميس.

كالدِيشار الأخضر عَيناه تَلونت وكَحباتِ الفَراولة كانت شَفتاه وَردية بَل حمراء.

«أالرِحلة مِن كِريت إلـىَّ صَعبة. » عَقدَّ لِيجاسوس  حَاجباه لِغرابة الحَديث كَيف يَعلم أنه كِريتيًا فِي الأصل ولِمَ هو فُضوليًا ناحيته.

«مِيديتيرانيوس أهداكَ لِي هَدية آغابـي، عَطية الحُب، لِيجاسوس ابن العَوام. » قَال ذَا العِيون الخَضراء يَكَوبَ وجنتا لِليجاسوس، الذِي أرتعَدَّ جراء لَمسته المَهيبة، كان الأمَـر مُختلفًا، لَمسته لَم تَكن كخاصة آغابـي النَاعمة ذَات الدفئ المُحبب، لَمسة ذَاكَ المَجهول حَملت البُرودَ فِي طَيَّتها لَكن لِيجَاسوس استَمال لَها، بِعكس آغَابـي مَن نَفرَ دائمًا مِن أناملها...

«ومَـن أنتَ يَا سَيد حَتى يُهديكَ البَحر الكَبير عَطية، ومَن أنتَ لِتعلم مَن آغابـي خَليلتي المُحبة؟ » سـأل لِيجاسوس بِالكادِ صَوته قَد خَرج، بالكَادِ سُمعت نَبرته الهادئة وأسعدَّ هذا مَن كان لَه تأثيرًا بِلمساته عَليه.

«أنا مَن آغابـي قَادتكَ لِي، مَن وَهبكَ بُوسايدن مَالك البُحور ومُسيرها لِي عَطية، أنتَ سَتكون ذَنبي العَظيم وخَطيئتي المُقترفة يَا ذَا عيون العَاج ومَلامح اللبلاب البَنفسجِي مِن أرض كِريت قَد أتى. »

فَتحَ لِيجاسوس فَاه وَشفتاه لِلحديثَ مراتًا بِلا عَدد، قَبل أن يُغلق الآخر تَلك المِساحة الضَيقة بينهما، قُبلة أعلى الشِفاه فَجرت الألبابَ وحَررت بَعض المَشاعر، يَداى لِيجاسوس لَامست وَجه مَن ظَنه عَطية، وجنتاه شَفتاه، وعِيناه التِي أُغلقت آثر تَلامُس الشِفاه.

«تَعَالَ مَعي لِيجاسوس سأُرضيكَ، سأمتعك، أحبك وأُسعدك، رَافقني إلى تِلك الحَياة إلـى أسافل الجَحيم. » طَلبَ الشَـاب عَيناه كانت سائلة رَاجية ولِيجاسوس بِدوره لَم يَستطع مَنع السؤال :«أخبرني مَن أنتَ يَا سَيد وروحي تَتبعك أينمَا تُريد. »

«هَاديس، هاديس إله الموت. »

-
يُتبع..

أيـنَ أغابـي فِي إيلـيس. |L.Sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن