جاء يوم الجمعة و في تمام الساعة السابعة ارتديت بزتي و كلي سرور و انتظرت قدومهم عند احد المتنزهات الذي يطل عليه منزلي و الذي اتفقوا المجاهدين ان يكون منطلقاً لتجمعهم .. جاءت العجلات و هي تحمل المجاهدين و انا انظر و بلهفة كبيرة و اشعر و كأن التحليق نحو العجلة امر سهل لشدة تدفق المشاعر في داخلي , لم يكن حماساً فحسب و لا تسرع الشباب , ابداً بل كان شعوراً دعوني اسميه شعوراً خمينياً بحت كما المجاهدين الذين تركوا عيالهم و أموالهم و الدنيا حينما اطلق الامام دفاع مقدس ,
نزل نائب امر الفصيل من العجلة ملقياً عليّ السلام , فقلت بكل لهفة
-و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
-الان سننطلق لكن
-لكن ماذا يا سيدي ؟
- يعز علينا ان نصطحبك معنا و انت الرجل الوحيد لوالديك و اخوتيك الصغيرتان هما في امس الحاجة الى أخ شجاع من طرازك المقدام
- لكن يا سيدي اناأأأ
- من دون لكن يا حيدر المنزل و عائلتك في امس الحاجة لوجودك
انتهى هذا الحديث القصير بدموع كادت ان تسقط امامه و الحمد لله انني في تلك اللحظة تمالكت نفسي و عدت الى المنزل راكضا
فتحن باب المنزل و اسمع والدتي تناديني لكنني في حالة فعلا لها ارثى , تركت الجميع و اتجهت الى الخزانة في اخر المنزل , جلست و الدموع تنهمر سألاً نفسي , اولم يكونوا شباباً في عمري قد التحقوا في دفاع مقدس ما هذا الحظ الذي انا فيه ؟ ايعقل انها عقوبة من الله ؟ ايعقل انني لا استحق الصعود و القتال في سبيل الله ؟ هل انا شخص عديم الفائدة و تحججوا بذلك العذر الواهن ؟ حتى جاءت امي تحاول ان تواسيني علماً انني على علم بأنها سعيدة لعدم ذهابي فهي اول من يرفض و رفض فكرة التحاقي في هذا السن المبكر .
بعد مرور شهر و اكثر و في عودتي من المدرسة شاهدت المجاهدين في نفس المكان المعتاد لانطلاقهم , حيث حدث ما لم اتوقعه .. جائني نائب امر الفصيل و قال لي
-ما زلت تنوي الالتحاق يا صغير ؟
اجبته بربكة كبيرة
- من انا ؟ نعم نعم يا سيدي اود ذلك
- ان عددنا قليل فالفصيل قد وزع عدده عل اكثر من منطقة و بحاجة لوجودك بيننا , هل لديك بزة ؟
- نعم هي هي معي في المنزل
- اذن ارتديها و تعال بسرعة
كانت فرحة عارمة تملئ قلبي و كأنني الذي تربع على عرش العالم حتى ان دموع الفرح التي يتحدثون عنها في الروايات و القصص اصابتني و ها هي تعتري بصري دموع فرح عارم
يا لها من فرحة كبيرة , و فعلاً ارتديت بزتي و ودعت اهلي و انا في اتم الفرح و الاستعداد لمقاتلة الإرهاب الذي يهدد الأرض و الدين .
سارت العجلات و كنت معهم الى منطقة إبراهيم بن علي , مكان عسكري و اثار الرصاص في كل مكان .. ستة عشر سنة كانت كفيلة بأن اساهم معهم بأن احمل السلاح الذي لا اعرف الية عمله في تلك اللحظة .. الا انهم احتضنوني كما يحتضن الاب ابنه , علموني كيفية الرماية و القتال و الدفاع حباً و نصرةً لخط الفقيه و الولاية من اجل الأرض و العرض و الدين , في الحر و البرد معهم معهم حتى اخر رمق , كنا نستمع لأناشيد الحماسة و كنا نبكي على صوت الخميني قدس سره حين يقول لجنوده ( انا لا شيء , انا خادمكم ) .
أنت تقرأ
هذا بفضل الخميني
Historical Fictionالوقت , الوقت يجيء بسرعة مهرولاً نحوي و انا جندي حاملاً بندقيتي ذخيرتي بجعبتي و صورة لأبي و اختي التي تنتظر بلهفة اخباراً سارة عن سلامتي من الموت الذي أتطلع اليه من الفناء الدنيوي الذي اتمناه الى الخلود في الجنة, الوقت لا يوقفه شيء الا الخلود و الخ...