روح

11 3 5
                                    

كل ما قَلَتْ أختياراتك في الحياه تدرك مدى قيمة الأشياء التي تملكها وترى الحياه بمنظور أخر فتبدأ بترتيب الأشياء حسب أولوياتها لديك لتخسر الأشياء الماديه قيمتها وتكسب الصحه والراحه والنفس قيمة عاليه لديك، تأكد بأن طريقة تفكيرك هي قارب النجاه الوحيد فإذا أشبعت نفسك بالقناعه والتفائل والسكينه سوف تمتلك الكثير حتى من دون مقابل مادي وإذا كانت نفسك لا تشبع ومليئه بالطمع والتشاؤوم والقلق فأنت  لو أمتلك كُل شئ فسوف تجد نقص في كل ما تملك وسوف تبحث عن شئ لم تتعرف على طعمه بعده.
هذي كانت أحد النصائح الّتي كنت أكررها على أصدقائي أو أي شخص يجلس على قطار الحياه.
في أحد الأيام تحديدًا في الرابع من اغسطس كانت أول جلسة علاجيه لشخص لم أتوقع أبداً بأنِ سوف أراه يجلس على مقعدي ليتلقى الأستشارة منِ، رفيقه لي كنا نرتاد نفس المدرسة ونعيش فالحي ذاته وحتى أن كنا ندرس فالفصل ذاته، كانت تدور حولي لمدة سنتين ثم أختفت فجأه وانقطعت عنها الاخبار وكان الجميع يتداول الأشاعات عن سبب نقلها. ولكن لم اكن اهتم مع أنِ كُنت اراها في كُل مكان واعتدت رؤية وجهها ولكنِ لم أسأل عنها أبداً.
والآن هي أمامِ في مقر عملي تنظر إليّ بنظرات مصدومه وأنا أبادلها النظرات ذاتها، كلانا لم نكُن نتوقع أن يكون لقائونا هنا.
روح لقب خطر على بالي الآن والسبب سوف يكون أكثر وضوحاً مع متابعة القراءه.
قطعت لحظات الصمت: لن أسألك عن حالك يا روح، فعملي هنا أن أعرف كيف هو حالك وأنا من أقرر ذلك ليس أنتِ.
أجابت: وحتى أن سألتيني فلا أعتقد أنِ سوف أعرف الأجابه.
سألتها مره أخرى: ما هو سبب لجوءكِ إلى هذا المكان، أحكي لي كل الأفكار الّتي تجول في علقك الآن، وقُصي لي القصص الّتي عجزتي عن أخبارها لأي شخص كان.
صمت قليلاً وكأنها تحاول ترتيب الكلمات لتخرجها بالطريقة الصحيحه.
ثم تحدث قائله: لا طالما كُنت شخص أنطوائي تلك الفتاه الّتي تجلس في زواية الغرفة خوفاً من أن تلفت الأنظار إليها، فتاة هادئه مسالمه في كُل مكان، ولكن الأمر مختلف بالنسبه لعالمي الخاص وتحديدًا غرفة النوم خاصتي فهي كانت مسرحي الخاص، كُنت أجلس في وسط الغرفه أحدث الجميع حولي وأتحدث بصوت جهوري من دون خوف كنت أضحك ألعب أرقص وكأن العالم كله ينظر إلي ولم أكن أهتم.
ولكن بين فترة والأخرى أجلس على سريري أبكي بصمت وأدفن وجههي في الوساده واصرخ بشكل مكتوم، كُنت أعرف انِ مختلفه بأنِ لست شخصاً شجاعاً كما أدعي في وسط غرفتي بأنِ أهرب من المحادثات وبأنِ أتأتأ في الكلمات عندما أقف أمام الجمهور، وأيام دراستي كانت الأسوء فكُنت أختار أبعد مكان فالفصل لأجلس فيه وكُنت أراقب الجميع بصوت كُنت أسترق السمع لمحادثاتهم ومغامراتهم وقصصهم كُنت أسمع صدى ضحكاتهم في الفصل كُنت أرى شجاعتهم بمخالفة القواعد والقوانين، بينما أنا كُنت أجلس بصمت وهدوء أسجل كُل ما يفعلونه لأرجع للغرفتي وأطبق كُل تصرفاتهم وأدعي أنِ تلك الفتاة المحبوبه.
مع الوقت أنطفأت شعلتي لأنِ كُنت أرى أختلافِ وكُنت أسمع كلمات كالسكاكين من عائلتي كأنوا حتى هم يهربون منِ لا يتحدثون معي وكانوا يطلقون علي لقب المنبوذه، كُنت أدعي عدم الأهتمام لكلماتهم بينما كُنت أنكسر من الداخل، كانت جدتي هي الشخص الوحيد فالبيت من تتحدث معي وكانت هي الشخص الوحيد الّذي لا ينسى ذكرى ميلادي، كانت كُل عيد تخيط لي وشاح جديد من الصوف وكانت هي كالدواء على جروحي ففي كُل مره أكسر كانت تعيد أصلاحي.
حتى أتى اليوم الّذي عدت فيه من المدرسه ورأيت الجميع في منزلنا ورأيت الجميع يبكي وسقط خبر وفاتها على مسمعي.
لم أبكي لم أصرخ كُنت فقط كصنم ساكن ، توقفت عن الذهاب للمدرسة وكُنت أتحرك كالرجل الآلي كنت اكل عندما يوضع الأكل وأساعد أمي في ترتيب المنزل وباقي اليوم كُنت أحبس نفسي في غرفتي وأنظر للسقف، لم تعد غرفتي مسرحي وتوقعت عن الرقص واللعب وتوقفت حتى عن البكاء، وفي أحد الاوقات الّتي كنت محبوسه فيها سمعت صوت أني تناديني فوقفت وكُنت متجهه للباب ولكِنِ أسقطت أحد التحف بالخطأ، وفي تلك اللحظه أدركتُ أنِ كُسرت لأشلاء مثل هذه التحفه وبأن من أعتاد لملمتي قد رحل بعيداً سقطت على ركبتي أصرخ وأبكي وأطلق عنان مشاعر حبست بداخلي لمدة شهر كامل ثم سقطت مغشي علي.
سكتت لتأخذ نفس وتحاول حبس دموعها الّتي تطلب الحريه.
ناولتها منديلًا وكأس مياه ليساعدها على الهدوء قليلاً.
وكُنت أنظر لها وبداخلي مشاعر كالحرب فكُنت أتذكر ذكرياتنا معًا، كيف كانت تجلس في مقعد بعيد جدًا لدرجة أن نسينا وجودها وكيف أراها تمشي للمنزل بهدوء متأمله كُل التفاصيل وكيف لم تمل أبدًا من ذلك مع أن كنا نمشي فالطريق ذاته كُل يوم، كيف كانو الفتيات يبتعدون عنها وكأنها شئ مخيف وكيف يسخرون منها ومن غرابتها، لذلك أطلقت عليها لقب الروح لانها كانت تتجول بينا من دون الا نشعر بيها ونسينا أنها بشر مثلنا تحمل المشاعر، كُنت أحمل بعض اللوم لنفسي كيف لم أقل لها يوماً صباح الخير كيف لم ألوح لها ولما أتجرأ يوما على التحدث معها مع أنِ كُنت شخصًا جريئ.
وعندما هدأت قليلاً تحدث أنا قائله:
عندما تحبس مشاعرك وتراكمها بداخلك لا تتعجبين من بكائك على كسر أحد التحف.
ثم سألتها: هل لديك المزيد من القصص الّتي تحكينها.
هزت رأسها بمعنى الموافقه.
ثم تحدثت: وبعد ذلك السقوط أصبحت شخصًا أنطوائي تماماً، لم أعد أتحدث مع أحدث ولم حتى غرفتي أصبحت حبسي الفردي الّذي حكمت أنا به لذاتي، وبعد مرور سنتين اجبرتني أمي على الذهاب للمدرسة مره اخرى، ولكن هذه المره أختلف كل شئ، لم أعد أراقب الفتيات ولم أعد أتامل طريق العودة، كنت فقط مهتمه بذلك الكتاب الّذي في يدي، تخرجت أخيرًا وبدرجة مرتفعه، ألحت أمي علي بالألتحاق بالجامعه ولكنِ فقط رفضت، ثم بحثت عن العمل في أحد المتاجر، وكُنت أقوم بالمهمات اليومه وكأنِ آله لم ألتفت يوماً على حالي.
سألتها عن ما أن كانت تعمل الآن، فأجابت بنعم.
تجرأت لسألها مرة أخرى: وكيف قررتي القدوم إلى هنا.
أبتسمت ثم تحدثت: هناك فتاة تعمل معي في نفس المكان كانت هي اول شخص سألني عن حياتي ولماذا ابدو كشخص فقد حياته أو كالشبح، وبعد الحاح منها أجبتها وأخبرتها كُل التفاصيل، فقامت بأجباري على القدوم وحتى أنها تنتظرني فالخارج الآن.
نانيس: إذا كيف كانت هذه التجربه.
روح: لم اكن أتوقع بأنك الشخص الّذي سوف يقوم بمعالجتي وأنا حقًا فخورة بكي فعندما كُنت شخص يسترق السمع كُنت دائما أسمعك تتحدثين عن حلمكي بمد يد العون وبأنكِ تحلمين بهذا المكان الّذي تقفين فيه.
أبتسمت لها: وأنا أيضا فخورة بكي لأنكِ أمتلكتي الجرأه لمواجهة كل هذه الأمور، وهذه المره لن أكون شخص أعمى لم ينتبه لمعاناة صديق وسوف أتاكد من مد يد العون له هذه المره وسوف أمسك بيدك جيدًا.

مع كُل جلسة كُنا نذهب لرحلة جديده وكانت هناك العديد من القصص الّتي تحتاج لمن يقرأها ويسمعها.
مرت الشهور لم تتغير روح لشخص أجتماعي ولكنها هذه المره اكتسبت صديق يكون لها مية صديق، وعندنا كنا أسمع قصصها تحدث عن كونها تعلمت الحياكه لأنها كانت الشئ الّذي يذكرها بجدتها، ومع الوقت أصبح حلمها تكوين ورشة خاصه بها وتطلع عليها أسم جدتها، فكانت تعمل بكُل جهد كي تجمع رأس المال الكافي لها.
أتخذت حياتها طريق أخر فقط لأنها غيرت نظرتها للحياه، ولم تنتظر من الدنيا أن تتوقف لتواسيها وتابعت طريقها بأتجاه الّذي رسمته.
وكُنت أقابلها كُل يوم ولكن لم يعد مكان لقائنا مكتبي بل كُنت ألتقي بها في العديد من الأمكان المختلفه لان علاقتنا لم تعد فقط شخص يمد يدن العون لمن يحتاجها بس أصبحت صديق يكون الكتف الّذي يكون دائماً موجود لتستند عليه.

وفي أخر هذا الجزء سوف أعطي نصيحة صغيره ألا وهي:
تحية أو حتى أبتسامه قد تغير بداخل أحدهم الكثير وتصنع يومه، كلمه طيبه أو محادثه قصيره مع شخص لا تعرفه كي تسرع الوقت في وقت انتظارك لوصول الحافه للوجهتك أو حتى أنتظار طلبك من أحد المقاهي قد تكون أول محادثه لذلك الشخص أو أخر محادثه، أنتقي كلماتك جيدًا ولا تنظر للبشر بنظرة متعجبه فقط لأختلافهم عنك ولا تنسى بأن لم نخُلق من كيان واحد وكُل منا يحمل اختلاف بداخله.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 30, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

قطار الحياةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن