اليوم هي على موعد مع الفراق، لكنه فراقًا انتظرته لسنوات.
رحلة بدأت منذ سبعة عشر عامًا تنتهي اليوم أخيرًا.
اليوم تودع الدوام الدراسي والمحاضرات وإزعاج الامتحانات لتبدأ في رحلةٍ جديدة تجني فيها حصاد مشوار الدراسةِ الطويل.
اليوم هو آخر يوم لمريم في الجامعة رسمياً؛ ظهرت نتيجتها وكالعادة نجحت بتفوق وطارت إلى البيت لتخبر والدتها بالخبر السعيد.
- مامااااا، نجحت ،نجحت عاوزة هديتي بقى.
تركت والدتها الكتاب من يدها لتستقبلها بين ذراعيها بفرحة وفخر:
- ألف مبروك يا قلب ماما..كنت واثقة إنك أكيد هتنجحي..انا بنتى أحلى وأشطر بنت في الدنيا.
تبتسم لها مريم وتسألها بجدية:
-هديتي جاهزة؟؟
-طبعاً..من بكرة هتستلمى شغلك في واحد من أهم مكاتب الترجمة المعتمدة في مصر يا ست البنات..
- ربنا يخليكي ليا يا ماما.
كم عاشت تنتظر تلك اللحظة التي تقلد فيها والدتها لتستيقظ باكرًا وتقف أمام مرآتها تستعد للذهاب للعمل، لكن ذلك لم يكن أمل أمها فيها، لذا حاولت إثناءها عن قرارها لعلها تثنيها عن قرارها في اللحظة الأخيرة:
- رغم إن دي مش رغبتي، كنت أتمنى تطاوعيني وتشتغلى في الكلية أحسن، تقديرك جيد جداً مع مرتبة الشرف..خسارة
وتداري مريم بعينيها ألمًا أجادت إخفاءه لعمر:
- لا يا ماما انا مش حابة جو المحاضرات والتدريس ده وبعدين ألاقى نفسي متورطة فى ماجستير ودكتوراه وشغل أكاديمي تاني!
وأمام مسكوت عنه لا تريد مناقشته الآن استجابت لرغبة ابنتها قائلة:
- ماشي يابنتى عموماً اللى يريحك وانا عملت لك اللى وعدتك بيه.
غمزتها وقالت :
- طب بابا ماقالكيش حاجة كدة ولا كدة؟
- ممم لا يا ستى ..عموماً أهو وصل بالسلامة اسأليه بنفسك.
عينيه تملؤها فرحة، فخر، قسمات وجهه تتشرب عطر السعادة التي لا يبعثها في خلاياه سواها، هي ابنته، فرحته، حبيبة أبيها وطريقه إلى الجنة.
رأى فرحتها بنجاحها بادية على وجهها ووجه أمها فبادر بهديته:
- من غير ما تسأل، ست البنات عربيتها الجديدة مفتاحها أهو.
يقولها محركًا المفاتيح بيده، لتركض نحوه بحماس:
- يا حبيبي يا بابا..بموت فيك.
تنغمس بين ذراعيه ليقبل رأسها بحنان قائلًا:
- اه منك انتى..محدش واكل بعقلى حلاوة غيرك !!
![](https://img.wattpad.com/cover/271666967-288-k941ba9.jpg)