الفصل الثاني

1 0 0
                                    

التفاصيل هي ما تجعل لحياتك معنى مختلف، تصنع الذكريات، تتذكر أياماً بعيدة لأنها حملت لك أحداث شاركك بها من تحب، وهى بارعة في هذا الفن؛ صنعت لنفسها ذكريات مع رقية صديقة العمر، فنجان الشاي في تمام الخامسة فى حديقتها الخاصة بصحبة الصديقة، طلب البيتزا فى سهرة كل خميس بمشاركة أخوتها، تناول الأيس كريم ليلة العيد مع والدها فى وسط البلد،واليوم تصنع تفاصيل لا تنسى فى مكتبها الجديد، فهذا المكان سيكون مأواها فى دنيا خالية ممن يشاركونها أحلامها وتفاصيل عالمها الوردى المعتاد.

توجهت لمكتبها بحماس تحمل صندوقاً صغير، وصلت قبل موعد العمل بحوالى نصف الساعة، عادت تتلمس كل شيء؛ ثم فتحت صندوقها لتخرج منه بعض الأشياء الصغيرة؛ مفكرة صغيرة وقلم رصاص صغير مصنوع من الخشب أحضره لها والدها من اليونان فى إحدى أسفاره، مقلمة رقيقة مشغولة بالكروشيه باللون الأبيض ومزينة بالتل الوردى شغلتها من أجلها دادة شريفة، برواز صغير يحمل صورة فوتوغرافية بالأبيض والأسود لها وهى طفلة بحضن والدها، و مزهرية مصنوعة من الخزف بها نبتة صناعية صغيرة ومشغل موسيقى صغير .

نسقت كل شيء بلمسة رقيقة، دارت حول مكتبها تعيد النظر إن كان ينقصه شيء ولكنها اكتفت بما هو عليه وبعد قليل وصل زملائها فى العمل، رحبت بهم وعلّقوا على رقة لمساتها بمكتبها بينما طارق لم يعلق؛ بل كان ينتظر لحظة معينة يعلق فيها على شيء ما لفت انتباهه.

مرت ثلاث ساعات كاملة وهى تتابع سير العمل بينهم ولا تفعل شيئاً فذهبت لطارق تحدثه بلطف:

- مستر طارق من فضلك هو انا هفضل قاعدة كدة مش بعمل حاجة؟؟

رفع عينه إليها ببطء يتفحص قلقلتها في وقفتها ثم قال:

- ماتستعجليش يا مريم..بكرة تزهقى من الشغل

- انا فاهمة والله ..بس فعلا مستحيل هقدر أفضل قاعدة كدة 8 ساعات بتفرج..حضرتك إديني بس أى ورقة أترجمها حتى لو حضرتك أصلاً مش محتاجها بس أبقى بعمل حاجة.

- تنهد ثم سحب ورقتين من أمامه وأعطاها إياهما قائلاً:

- اتفضلي يا ستى وريني شطارتك، اشتغلى فيهم براحتك.

ابتسمت له مريم وكأنه أعطاها قطعة كبيرة من الشوكولاتة المفضلة لها، ليضحك بداخله من رد فعلها الطفولي، بينما توجهت هي لمكتبها، فتحت مقلمتها وأخرجت منها قلماً و استخدمت الأوراق البيضاء الموجودة بأحد الأدراج؛ ثم قامت بتشغيل مقطوعة موسيقية على مشغل الأغاني الخاص بها وبدأت في قراءة الأوراق التي أعطاها لها بتركيز.

مرت خمس دقائق و طارق ينظر إليها، يتأملها ربما، عيناها تحمل نظرة متفحصة للأوراق التى بين يديها، يبدو عليها التركيز الشديد ولمعة بعينيها تدل على شغفها بعملها الذي على ما يبدو الآن أنها تعشقه و تتعطش للقيام به منذ سنين؛ اختفت تلك النظرة التي لم تكن تبشره بجدواها في العمل معه، ولكنها تعمل بالطريقة التى لا يرغب هو بها ؛قال لها:

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 11, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

فراشات حول ألسنة اللهبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن