الهلال الأحمر
أم علي : عندما كنت أنظر إلى علي فإني لم أكن أرى فيه طفلا صغيرة أبدا، بل كل شيء فيه يدل على نضوج عقله قبل عمره؛ فكل الأطفال ينتظرون بفارغ الصبر تلك الأيام التي تعطل فيها
الدراسة، من أجل أن يلعبوا ويمر حوا، إلا علي فإنه كان مختلفة عنهم تماما؛ إذ جاءني قبل موعد الإجازة الصيفية بأيام ليطلب مني أن أسمح له بتسجيل اسمه مع حملة الهلال الأحمر التي تسجل من يرغبون في التطوع للتدريب على الاسعافات الأولية. ابتسمت قائلة: ما هي حاجتك لهذا التدريب؟ أجابني: ماما أريد أن أتعلم الاسعافات الأولية حتى أساعد الناس إن حدث أمر طارئ. - وإجازتك ألا تريد أن تقضيها مع أصدقاءك في اللعب والسفر؟ - لا ماما أريد البقاء هنا في العطلة الصيفية؛ لأتعلم كيفية تقديم الاسعافات الأولية إن حدث شيء أمامي واحتاج الناس المساعدة ما. طلبه وحديثه عن مساعدة الناس أسعدني كثيرة؛ فهو بهذا العمر ويفكر كيف يهيئ نفسه لمساعدة غيره إن احتاج المساعدة.
- طيب، ما هو المطلوب مني الآن؟ - لا شيء، فقط اقناع أبي بأن أسجل معهم. وفعلا وافقنا أنا ووالده على أن يذهب ويسجل في دورة الهلال الأحمر التي يقيمونها بشكل مجاني في العطلة الصيفية لمن يريد تعلم طرق الإسعاف الأولي. وبعد أيام من الاشتراك معهم تفوق في كل الدروس المتعلقة بالإسعاف الأولي، فقدموا له عدة الإسعاف هدية؛ لتفوقه في تلك الدورة. لذلك لا تستغرب عندما تسمع الآن بعض أصدقاءه ينقلون عنه المواقف عن مساعدة علي لهم، فهذا هو علي منذ الصغر يسعى لمساعدة غيره حتى على حساب نفسه.🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
"الجدة وعلي"
أم علي: ذات مرة أعتدى علي على طفل وقال: هو من قد أساء إلي فسأله حينها: من أين هذا الطفل؟ قال: لا أعرف، ربما يسكن الشارع الذي بعد شارعنا۔
لم يمض الكثير من الوقت حتى طرق الباب، خرجت وأنا أعلم أن من يطرق الباب هم أهل ذلك الطفل الذي اعتدى علي عليه. وبالفعل فتحت الباب لأجد امرأة كبيرة في السن وبيدها طفل، سمت وقالت: هل لديكم ولد اسمه علي، فقد تعرض إلى حفيدي؟ قلت لها: نعم أخبرني بذلك، وكنت أريد القدوم إليكم والاعتذار عما فعله علي، لكني أجهل بیتکم، وسأنادي علي ليعتذر لك وله. ناديت عليه، فخرج ووقف أمام المرأة الكبيرة في السن وقال لها: أنا أعتذر، ولكنه هو من أساء إلي، لا أنا. لم تتكلم المرأة ونظرت إلى حفيدها وقالت له: أهذا هو الطفل الذي ضربك؟ رد عليها: نعم، هو هذا علي. قالت له: حتما أنت من أسأت اليه، فأنا عندما أعود من السوق وأمر بهذا الشارع، يبادر هذا الطفل مسرعًا وكأنه يعرفني فيحمل عني ما في يدي من أكياس المشتريات، ويرافقني حتى يوصلها لي إلى المنزل، لذلك یا أم علي أنا اعتذر لك عن إساءة حفيدي للأدب. نظرت إلى علي مرة أخرى وقالت بلهجتها: "بيبي! الله يحفظك الأهلك ويسلمك الهم. أكيد بيبي هو عال بيك؛ ابني واعرفه زین".