《 ١ 》

17 1 0
                                    

الساعة الخامسة صباحا

من عاداتي الجيدة أنني أستيقظ مبكرا أنا بذلك أستفيد من بضع ساعات من الراحة النفسية و التسامح مع النفس رغم أنني لا أعيش بمفردي بل وسط عائلة كبيرة عديدة الأفراد، عليّ التسلل بهدوء كي لا أوقظهم، إلا أنني أستطيع إحتلال الشرفة في هذا الصباح بعد أن جهزت قهوتي المحلاة بالعسل
رفعت عيني إلى أجمل شيئ في الوجود الأنقى و الأكثر هدوءا و سلاما : السماء .
عجيبة هي أليس كذلك؟ إنها كريمة جدا تحتضننا جميعا تحتها،جميلة نسرح أثناء تأملنا لها،هادئة تبعث الراحة بأنفسنا تتطفل عليها بعض كرات الصوف البيضاء اللطيفة فتعانقها بحنو ثم تستأذن الشمس و تظهر من خلفهما و ينبثق  منها نورها
يا له من منظر جميل! إحتسيت البعض من قهوتي بينما خالجني سؤال ما
هل هذه السماء هي نفسها السماء التي إحتضنت أجدادنا ؟ ألطالما كانت منتصبة هناك في الاعلى بعيدا عن ايدينا قريبة من اعيننا؟ إن كنتي كذلك فأخبريني عن ماضي هذه البلاد أخبريني هل فعلا تغيرت الأحوال؟ هل تغير هذا المكان كثيرا ؟
جلت بعيني أراقب البيوت أمامي قديمة عفى عليها الزمن جميلة هي بطريقة مميزة ! تبدو جميعها كنسخة عن بيتنا الصغير العتيق لا أدري لما يريد أهلها مغادرتها أظنهم يفضلون البيوت الحديثة الكثير الزجاج و الرخام،المكلفة و البعيدة وسط المدينة .. كنت لأتمنى أن يرحلوا كي أستمتع بهذا النعيم بمفردي لكن ما كان هذا ليحصل فالحقيقة هي أن سعادتي تكمن في تواجدنا جميعا معا أنا لا أحب المكان لجماله بل أحبه لما صنعته من ذكريات هنا، أحب مشاهدة الأطفال و هم يلعبون، رغم أنني أتذمر لكونهم مزعجين في بعض الأحيان،  ان ابتساماتهم و نقاوتهم و طهارتهم تسعدني
أحب أصوات النسوة و هن يتبادلن الأحاديث أثناء قيامهن بأعمالهن ،
أحب مجالسة العجائز في الكراسي الصغيرة و الاستماع لقصصهن عن الماضي رغم ايقاني أن معظمها من تأليفهم و لا محل لها من الصحة إلا أنها تبقي أكثر القصص إمتاعاً!
و الآن تداعب أنفي رائحة مذهلة يمكنني معرفة أنها رائحة الخبز الشهي
لقد إستيقظ الخباز إذن
و هاهي الجارة تفتح محل الزهور
و السيد يفتتح البقالة
يبدو أن وقت خلوتي انقضى و انتهت معه قهوتي
ألقيت نظرة أخيرة على السماء ثم إنسحبت
أظن أن هذه الزرقة سبب كاف لأكون سعيدا ♡

العثور على السعادة Où les histoires vivent. Découvrez maintenant