الشّطرُ الثّاني

29 2 0
                                    

هائِمٍا في الذي قد سرَق فؤاده و انتشله ، ذاك الذي لم يطرق باب فؤاده ودخل الفؤاد دون إذنه .
امتلئ تفكيره بغيمة تُكرّر لحظة وقوعِ عينا الأمينِ على يدا الفتى وكأنها قد رُسمت بيدِ فنانٍ عظيم .
تلك اليد التي خطّت من النوتات لحنًا هادئًا كملامح وجههِ .
امتلئ تفكيره بوجه الفتى ذو الملامح الهادئة و كأن مقلتا عين الأمين ارضٌ و احتُلّت بذلك الفتى الغريب ..
يمينًا وشِمالًا أصبح سريره المريح فجأةً أرضًا قاسيه
لا برد الليل يُريحه و لا ماءُ ترويه.
ضائعٌ في متاهات عقله باحثًا عن الأجوبة لأسئلةٍ عديدة.

ضوء الشمس تسلل عبر نافذته تفتح عيناه ليومٍ جديد
استيقظَ الأمينُ بعد ليلة التفكير ، حائرًا لدرجة أن لم يعدّ له فطور صباحه و اكتفى بحمامٍ سريع وكوب ماءٍ بارد.

ذهب لمكتبته مُرحِّبًا بالقرّاء كـ أي يوم قد مضى .
عينا الأمين لم تبرح عن الباب ثانيةً راجيةً أن يأتي محبوبها و تريح قلبها و تطيب مسامعها.
قارئ تلو الآخر وقلبه ترتفع نبضاته مع كل قارئ متوقعًا بأن يكون هو فتاه.

قارئ تلو الآخر ، ساعة تلو الآخرى حتى غابت شمس اليوم وظهر ضوءُ نَقِيضُها القمْر برفقة نجومه البعيدة
أعلنت الساعة نهاية يومها ودقت لـ يومٍ جديد وتكرر الأمر لأيامٍ كثيرة تفوق عدد أصابع اليد و خطوطها.

في يوم إجازته قرر أن يذهب الأمين إلى مقهى المدينة المعروف بنقاء قهوتِه وسوادها العظيم كليلةٍ غابَ عنها القمر.
حفيفُ الجرسِ رنّ ملعنًا دخول الأمينِ للمقهى
'أهلًا بك سيدي'
'مرحبًا ، كيف حالكُ ؟'
'بخير شكرًا لسؤالك.....المُعتاد؟'
أومئ الأمين رأسه وذهب ليجلس في مقعده بجانب النافذةِ مُتأملًا الطبيعة وما تحمله من جمالٍ لمدينته و صفاء سماءها الزرقاء والنّاسُ هُنا وهناك كُلٍ مُنشغلٌ في أمرِه
وصل مُعتاده من القهوةِ سوداءَ كالقُطرانِ شذا عبيرُها في الارجاء بجانبها كعكٌ أبيض كلونِ السحاب قليلُ السُكر.
أخذَ رشفتَهُ الأولى من القهوة وملعقةً من كعكه.
مرّتِ الدقائق والأمين لا زال ينظُرُ من خِلال النّافذة حتى رنّ جرس البابِ
دخلَ الفتى الأوّل ثُم الثّانِي يليه الثّالث حتى وَقعت عَينا الأمين على الفتى الرّابع حاملًا جيتاره معلقًا على كتِفه.
لم يُصدق الأمينُ ما ترى عيناه و نسي نفسَهُ مراقبًا لفتاه
وقف الفتية يطلبون قهوتِهم و اذاني الأمين صاغيةً لما يقولون
منتظرًا طلب الفتى الرابع وإذ به ينصدم بأنه قد طلب الماء.

مرّ الفتية من مقعد الأمين متجاوزينَهُ للمقاعد خلفَهُ
'هل لك بأن تعزف لنا قليلًا ؟'
'ماذا؟'
'نعم...إعزف لنا'
'لكن نحن في المقهى...'
'وإن يكن لا بأس هيّا إعزف لنا لحنًا من ألحانك'
أومئ الفتى موافقًا فأخذ جيتاره بين أحضانه وبدأ يخطُّ اللحن على اوتار الجيتار لافتةً انتباه كل من تواجد حتى ذاك الأمين.
لم يستطع الأمين صبرًا فقام مغيّرًا اتجاه مقعده تجاه الفتى
متأملًا أنامل الفتى وهي تحرِّكُ الأوتار كنسيم الربيع و ازهاره.
بعد لحظاتٍ انتهى الفتى من عزفِه جاعلًا الجميع واقعين في حب لحنه.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Dec 16, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أناملُكَ البيضاء | TKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن