الفصل الأول

268 10 2
                                    

عودة مرة أخرى للخيال لنحلق بعيدا عن الواقع في بلاد غير البلاد وزمان غير الزمان وقلوب غير القلوب، مع قصة من الحواديت.

الحلقة الأولى
#أمير_قلبي
لا أصدق نفسي ، أخيرا سيتحقق حلم السنين وسأرى الأمير وجها لوجه وسيراني وربما أعجبه، بل وقد أنال شرف الرقص معه، أخيرا حانت الفرصه التي انتظرتها لسنوات بفضل صديقتي العزيزة سالي، زميلتي في المدرسه الداخليه التي أنقذتها يوما من الغرق في البحر في تلك الرحلة المدرسية عندما أصابها شد عضلي أثناء سباحتها وكادت تغرق، ومن يومها أصبحنا أصدقاء. اليوم عندما حانت لها الفرصة ردت لي الجميل وأكثر بأن أدرجت اسمي ضمن من يرغبون في حضور الحفل-لأنها مقربة من الأسرة المالكة هي وأسرتها- وتم قبولي وسأحضر الحفل.اخترت لحضور الحفل فستان زفاف أمي بعد أن أدخلت عليه عدة تعديلات ليناسب جسمي النحيف فبدا رائعا وأبرز بلونه الأبيض سواد شعري وعيناي وقررت أن أطلق العنان لشعري الطويل وأن أزينه بتاج من الورود البيضاء ، وسأضع على وجهي القليل من مساحيق الزينة فأنا لا أحب التكلف إنما أحب البساطة في كل شيء. كنت أرتدي الفستان لأجربه قبل الحفل فتذكرت كلمات أمي في طفولتي:
-جاءني هاتف في المنام وقال لي إن ابنتك ستتزوج أمير
ومن يومها وأنا أحلم بتكرار قصة سندريلا وزواجها بالأمير، أحلم أن يُفتن بي ويقع في حبي من أول نظرة ونعيش معا في سعادة. نسيت الحلم لسنوات عديدة بعد وفاة أمي وزواج أبي بتلك الأرملة التي لديها فتاة وفتي يكبرونني في العمر وبحجة خوفها علي وعلى ولدها من أن نقع  نجلاء لطفي في الخطيئة في سن المراهقة قررت إبعادي عن أبي وبيتي وأرسلتني للمدرسة الداخلية في مدينة أخرى، لم أكن أعود في الأجازات إنما كان يأتي إلي أبي ليقضي معي أسبوعا في أي مكان أختاره فسافرنا معا لعدة أماكن داخل المملكة أو خارجها ، لكن في هذا العام حصلت على شهادة إتمامي للدراسة فمرض أبي وأرسل إلي لأحضر للبيت لأقضي معه أسبوعين فكنت في قمة السعادة فقد اشتقت لبيت وغرفتي ورغم أني فوجئت أن زوجة أبي نقلت غرفتي من الطابق الأول –حيث غرف النوم- للطابق الثاني -حيث غرف الخدم- إلا أني لم أدع ذلك يفسد سعادتي بل كانت تلك فرصة لأهرب من سخافة ابنها عماد الذي كان يلاحقني منذ حضوري بل وحاول مره تقبيلي رغما عني لكني دفعته بعنف وهددته بأن أخبر أبي وعندها فقط تركني ليس خوفا من أبي بل خوفا من أن يحرمه مما ينفقه عليه.
لم أدع تلك المرأة -التي لم أحبها يوما – هي وأولادها أن يفسدوا علي فرحتي بحضوري للحفل، لم أخبرهم أني مدعوة لحفل الأمير خوفا من مكائدهم بل أخبرتهم أني مدعوة لحفل زفاف أخت صديقتي. جاء الموعد المحدد وقلبي يخفق فرحا وشوقا ، نظرت للمرآة لعدة مرات لأتأكد من زينتي وجمالي وارتديت حذاء بكعب عالِ ليزيد من طولي –حيث أن زوجة أبي لا تناديني إلا بالقصيرة- وخرجت مسرعة عندما جاءت سالي بعربيتها التي تجرها الخيول وركبت معها هي وأختها ووالدتها وقلبي يسبقني إلى الحفل. وصلنا للحفل ونزلنا جميعا للقصر الملكي وأنا مبهورة بكل تلك الفخامة وكل هؤلاء النساء والفتيات المتزينات بأجمل الفساتين والمجوهرات وكل تلك الزينة التي لم أر مثلها من قبل.بمجرد دخولنا الحفل بدأت والدة سالي وسالي وأختها في الترحيب بكل من يعرفونهن وانشغلتا عني نجلاء لطفي  ثم قام شابان بدعوة سالي وأختها للرقص فوجدت نفسي أقف وحيدة أشاهد الرقص وأتأمل الناس، حتى انتهت الرقصة وبدأت أخرى فتقدم شاب متوسط الطول خمري البشرة بعيون سوداء وابتسامة مريحة جدا وطلب مني الرقص فاستجبت له وسألني:
-من أنت؟
-أنا ساره
-هل سبق أن تقابلنا؟
-لا فأنا أدرس في مدرسة داخلية للفتيات بعيدا عن هنا ولا أحضر في الأجازات، وأنت ما اسمك؟
-أمير
وهنا أعلن حاجب الملك عن وصول الأميرفريد للحفل فنسيت أمر مرافقي وتركز كل اهتمامي على الأمير، ذلك الشاب الوسيم بشعره البني وقوامه الرياضي الطويل وكتفيه العريضتين وبشرته البيضاء، أطل على الجميع كالبدر في ليلة تمامه ، كان قلبي يخفق بشدة كأننا كنا على موعد ما. لاحظ أمير اهتمامي الزائد بالأمير فقال:
-هل تودين أن أقدمك إليه؟
-وهل تعرفه؟
-أنا صديقه منذ الطفوله تعالي لتتعرفي عليه
-لا أشعر بالخجل
-هل ترقصين معي مرة أخرى؟
-نعم
رقصنا معا وتحدثنا في أشياء كثيرة وبعد إنتهاء الرقصة اقترب منا الأمير وقال مبتسما:
-مرحبا أمير أراك استحوذت على أجمل فتيات الحفل ألا تعرفني بها
-إنها ساره
نظر إلي بعينيه العسليتين الساحرتين وقال:
-مرحبا ساره أتمنى أن تكوني مستمتعة بالحفل
-مرحبا سمو الأمير بالفعل حفل رائع
-هل تسمحين لي بتلك الرقصة؟
-هذا شرف لي يا مولاي
أمسك بيدي فارتجف جسدي كله فرحا وخوفا في آن واحد فابتسم وقال لي:
-أتخافين الرقص معي؟
- لا لكني لا أصدق نفسي أني أرقص مع الأمير فريد حقا
-أعلم أن ذلك حلم كل فتاة ولكنك لست كغيرك إنك متميزه
-حقا؟
-لك عينان جميلتان لم أرَفي جمالهما وبراءتهما في حياتي
-شكرا لمجاملتك الرقيقة مولاي
-هي ليست مجاملة بل حقيقة فلك عينان لو غبت عنك ألف سنة لظلت نظراتهما عالقة بذاكرتي
كنت أحلق في سماء الحب بين يديه ولم أشعر بنفسي عندما توجه بي ناحية الشرفة وقال:
-دعينا نتحدث بهدوء وحدنا بعيدا عن الضجيج عرفيني بنفسك
-أنا فتاة بسيطة أنهيت دراستي في إحدى المدارس الداخلية منذ عدة أيام وجئت في أجازتي لأقيم مع والدي عدة أيام ثم سأعود بعدها لمدرستي حتى أبدأ عملي كمعلمة أطفال هناك
-لكنني لا أريدك أن تغادري بل أن تبقي في المدينة
-حقا يا مولاي؟ لكنك لم تعرفني سوى من عدة دقائق فقط
-لكني أشعر أني أعرفك منذ زمن بعيد وأحتاج لمعرفتك أكثر وأكثر
-هذا شرف لي يا مولاي..
وقبل أن أكمل كلامي جاء أحد الخدم ليخبره بوصول الملكة للحفل فاستأذن وتركني للحظات ، كانت السعادة التي أشعر بها أكبر من أن توصف فالأمير معجب بي من بين مئات الفتيات الجميلات ويختصني بوقته وكلامه، يبدو أن حلم العمر سيتحقق. أفقت من أحلامي على رؤيتي لزوجة أبي وابنتها فاختبأت خوفا من أن تراني زوجة أبي وتكيد لي عنده أو تدبر لإبعادي عن الأمير. قررت في لحظات أن أنصرف مسرعة تاركة كل شيء خلفي، يبدو أنني سأكون سندريلا الثانية فهل سيبحث عني حقا؟ هل سيتذكرني من بين كل الفتيات؟ هل حقا لن ينسى نظرات عيناي؟ انصرفت وأنا أشعر بالحزن فقد ضيعت فرصة عمري الوحيدة التي ربما لن تتكرر مرة أخرى.
عدت مسرعة للبيت فوجدت أبي وحيدا يتألم من شدة المرض وحرارته مرتفعة فأرسلت الخادمهة لتستدعي الطبيب الذي فحصه وقال غاضبا:
-كيف تهملونه هكذا؟ لقد طلبت من زوجته طعام معين ورعاية معينة وعدم تركه لحظة واحدة ؟ إن حالته تسوء كل يوم ومع إهمالكم سيموت
بكيت بشدة وقلت للطبيب:
-أرجوك افعل ما بوسعك فليس لي في الكون سواه ، اكتب لي كل الطعام والدواء وسأرعاه وألتزم بالتعليمات
-من أنت؟
-أنا ابنته
-وأين كنت؟ أنا لم أرك من قبل
-أنا أدرس في مدينة بعيدة وعدت لما علمت بمرضه وزوجته قالت أنه دور برد بسيط وليس به شيء
-يا بُنيتي والدك مصاب بداء الكبد وبمرض في قلبه ومع الإهمال في الطعام والرعاية قد يموت
-لا تخف لن أتركه لحظة واحده
-أتمنى ألا يكون الأوان قد فات
انصرف الطبيب وأمسكت بيد أبي الساخنة بفعل حرارته المرتفعة وقبلتها وبللتها دموعي وقمت مسرعة لعمل الكمادات اللازمة له، ورغم أنه كان غائبا عن الوعي إلا أن أملي في شفاؤه كان كبيرا، كنت لا أفارقه أبدا وألتزم بتعليمات الطبيب ، حتى السوائل والأدوية كنت نجلاء لطفي أحاول بكل الطرق أن تصل لجوفه . كنت أقضي وقتي كله معه نسيت الأمير والحفل وأصدقائي حتى زوجة أبي تجاهلت كلامها السخيف وعجرفة ابنتها، كنت فقط أدعو الله أن يشفي أبي. جاء الطبيب مره أخرى بعد يومين وبعد فحصه قال بحزن:
-يا بُنيتي لقد قمت بجهد رائع لكنه وصل لمرحلة متأخرة ولا أمل في شفاؤه فقط هو يحتاج للدعاء
بكيت كثيرا فأبي هو كل عائلتي وهو الصدر الحنون وسندي في هذه الدنيا لو فقدته هو الأخر من سيبقى لي؟ سأعيش لمن؟ من سيحبني بعده؟ لا أحد. دعوت الله كثيرا ، وفي أحد الليالي كنت أمسك بيد أبي وأبكي وأرجوه أن يقوم لأجلي شعرت برجفة يديه وفتح جفونه بصعوبة ونظر إلي وقال بصوت واهن:
-ساره اعتني بنفسك من أجلي، أعلم أني على وشك الرحيل لذا أخفيت ذهب والدتك في غرفتك التي تقيمين بها في أخر فستان ارتدته قبل وفاتها هل تذكريه؟
أومأت برأسي بالإيجاب فابتسم واقتربت أقبله وأنام على صدره فضمني بضعف لكني كنت أشعر بالحماية والأمان وأنا بين يديه الواهنتين، وفجأة ارتخت يديه فصرت أصرخ كالمجنونة :
-أبي أرجوك لا تتركني وحدي ، ليس لي سواك، أبي أجبني
جاء كل من في البيت على صراخي وأرسلنا للطبيب الذي أخبرنا بموته فوقعت على الأرض منهارة كم كنت أتمنى أن يخبرني أنه غائب عن الوعي فقط، لكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه، رحل أبي وصرت يتيمة في هذا العالم.
#نجلاء_لطفي
#قصص
#حكايات
#حب
#رومانسية

أمير قلبي بقلم نجلاء لطفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن