أمير قلبي
الحلقة السابعة والأخيرة
#أمير_قلبي
دخلت غرفتي وأنا أحاول تجاهل كلماته فقد سبق أن سمعت كلمات مشابهة وكانت مجرد وهم وسراب وأنا لا أريد أن أصاب بنفس الخيبة مرتين.
في الصباح تعمدت عدم النزول لتوديع أمير وفارس ،ربما لأني لا أحب لحظات الوداع فكم تعرضت للفقد والخسارة ولم يعد قلبي يحتمل المزيد، وربما لأني ليس لدي القدرة على تحمل النظر في عينيه بعدما قاله بالأمس حتى لا أضعف أمامه. لا أعلم لكني اكتفيت بمشاهدته يغادر من خلف ستائرنافذة غرفتي وتركته يظن أني مازلت نائمة أو أني لا أبالي بوداعه وربما كان هذا أفضل لكلينا. مرت الأيام ثقيلة على قلبي وكنت أ شعر أن أمير أخذ جزء من روحي معه ، أخذ سعادتي، بل ورغبتي في المرح، كنت أتظاهر أني بخير لكني كنت أعلم في أعماق قلبي أني افتقده.بعد شهر عاد أمير مع فارس مرة أخرى وقال لي:
-لقد عرضت مشكلتك مع زوجة أبيك على بعض أصدقائي وبعد نجلاء لطفي البحث الجيد اكتشفوا تزويرها لكل عقود البيع وحتى لخطاب والدك بمساعدة المحامي، فوجدوا الخطاب الأصلي في دولاب ملابسها والأن مصيرها هي وأولادها مرهون بيديك فبإمكانك سجنها هي وابنها أو العفو عنهما وفي كل الحالات بإمكانك استعادة البيت والمزرعة الأن
-حقا يا أمير؟؟ هل بإمكاننا السفر الأن؟
-نعم
-دقائق سأعد ملابسي
جمعت كل أشيائي في عدة دقائق ونزلت فوجدت فارس يخبرهما أنه قرر أن يقبل العمل لأيام بسيطة ويقضي باقي الوقت مع أسرته فسعدت ليلى لذلك كثيرا، وعندما نزلت سكت الجميع فقلت لأمير:
-أنا جاهزة للسفر
-حسنا سأضع حقائبك في العربة وسألتقي بشخص ما بينما تتناولين إفطارك
تناولت إفطاري وأنا في عجلة من أمري وبمجرد ظهور أمير قلت له:
-لقد انتهيت من إفطاري
-هيا بنا
قالت ليلى:
-هل ستركيننا يا ساره؟
-لا أستطيع ترككم فأنتم أسرتي لكن لابد من ذهابي الأن لأسترد ممتلكاتي
قبلتني ليلى وهي تقول:
-أتمنى لك كل خير يا حبيبتي
فقال فارس:
-إن احتجت لأي شيء لا تتردي فنحن إخوه
-بالطبع وشكرا لك
ثم إلتفت وقلت لليلى:
-لا أستطيع توديع الأطفال فأنا لا أحتمل لحظات الوداع فقبليهم عني وقولي لهم أني سأعود قريبا
خرجت والعبرات تملأ عيناي وجلست في العربة مع فارس الذي ظل صامتا طوال الطريق ولم يتحدث معي حتى وصلنا للعاصمة فتوجه بي لبيتنا وبقي معي حتى دخلت فرحبت بي زوجة أبي وهي تتوجس خيفة مما سأفعله بها وبأولادها فقلت:
-لن أتسبب في سجنكم ولكني أرغب أن ترحلون الأن فمن اليوم سأدير ممتلكاتي بنفسي
تركوا البيت بعد نحو ساعتين بعد أن جمعوا أشيائهم وقال أمير:
-سأوصي أصدقائي أن يهتموا بك ويرعونك وإن احتجت لأي شيء لا تتردي في أن تطلبيه مني فنحن...أصدقاء ألسنا كذلك؟
-أنت خير صديق بل ربما ترقى لمرتبة الأخ
-حقا؟؟
-إن مكانتك كبيرة جدا عندي
-إذا الوداع
-بل إلى لقاء
عندما تركني أدركت أني أحبه وليس ما أشعر به مجرد صداقة أو تعود ، وددت لو أن أترك العالم كله وأذهب معه، لكن إلى أين؟ لأكون بجوار فريد أكثر؟ لأحيل حياة أمير لجحيم من الشك والغيرة؟ لأكون سببا لتعاسته بدلا من سعادته؟ لا أمير لايستحق مني ذلك بل يستحق دائما ما هو أفضل فلنترك الأيام تدبر أمورنا. شغلت نفسي في الإستعانة بخدم جدد لإعادة ترتيب وتنظيف البيت والتخلص من كل ما هو غير مرغوب فيه من أثاث واستبداله بما هو أفضل وفكرت أن أعيش في البيت لفترة كفتاة من الطبقة العليا وأستعيد الأيام الماضية . كان علي أيضا أن أهتم بالمزرعة التي عادت إلي فذهبت إلى هناك وتواصلت مع المستأجر القديم وأولاده ورحبوا بالإهتمام بها مقابل أن نتقاسم المصاريف والأرباح والخسائر فوافقت وكتبنا عقد لمدة سنة يتم تجديده كل سنة بشروط جديدة وسعدوا جدا بتلك الشراكة الجديدة وعاهدوني أن يهتموا ببيت المزرعة ووعدتهم أن آتي في الشتاء لقضاء بعض الوقت معهم كما كانت تفعل أمي وأنا صغيرة. عدت للعاصمة وبالطبع عاد كل من قاطعوني من قبل للتواصل معي ودعوتي لحضور الحفلات فحضرت عدة حفلات لكني شعرت بنفسي غريبة بينهم فقد اعتدت حياة البساطة وعدم التكلف ولم تعد تلك الحياة التي كلها كذب وخداع وتظاهر وتقدير المال فقط تعنيني في شيء أو تُمتعني. قررت أن أؤجر البيت على أن أحتفظ بمقتنيات أمي التي أريد الحفاظ عليها في مخزن البيت ويكون مفتاحه معي، بالفعل تم التأجير بحضور المحامي الذي عرفني عليه أمير وبعد إنتهاء الإجراءات سألته عن أمير وأخباره فقال لي:
-لقد استقال من العمل مع الأمير فريد وعاد إلى بلاده
قررت أن أجمع حاجاتي وأعود لبيت ليلى فإن لم أجد لي فيه مكان فسأذهب لبيت مزرعتي لأعيش فيه فلم تعد حياة المدن بزيفها وخداعها تستهويني. استأجرت عربة نجلاء لطفي للسفر وعندما علم المحامي بسفري أرسل معي حارسا ووصلت إلى بيت ليلى في وقت الإفطار فطلبت من سائق العربة أن ينتظرني ودخلت إلى البيت من باب المطبخ وليلى وفارس والأولاد مجتمعون على مائدة الإفطار فقلت:
-هل مازال لي مكان بينكم؟
فصمت الجميع مذهولين للحظات ثم قال صوت من خلفي:
-بالطبع لا لم يعد لك مكان هنا
فقالت ليلى:
-أمير
فقال:
-لم جئت؟
-شعرت بالوحدة والغربة بين هؤلاء المزيفون ولم أشعر بالدفء الذي شعرت به هنا معكم
-فقط؟
-ولأني افتقدتكم جميعا
-إذا ليس لك مكان هنا
ثم صمت للحظات وابتسم وقال:
-بل مكانك في بيتي هل تقبلين الزواج بي يا ساره؟
صرخت ليلى فرحا وتساقطت الدموع من عيني فقال مندهشا:
-لم أسمع ردا
-قلتها بقلبي
-أريد أن يسمعها الجميع
-نعم أقبل
صرخت ليلى فرحا وضمتني لصدرها ونحن نبكي معا واحتضنني الأطفال وهنأني فارس، وبعد أن هدأت الضجة وصرفنا العربة قال أمير:
-أعتقد أننا لا نحتاج لفترة خطبة لنتعارف فما رأيك بالزواج القريب؟
قلت وأنا أشعر بالخجل:
-كماتريد
-تعالي لتري بيتك الجديد
-لقد رأيته
-لا هذا بيت إخوتي لقد اشتريت بيتا جديدا قريب من هنا
ذهبت معه لنرى البيت كان جميلا وله حديقة واسعة فقلت له:
-أريد أرجوحة هنا
-أرجوحة؟
-نعم لأحلق معها في السماء
-أوامرك مطاعة يا مليكتي، وما رأيك بلون الطلاء هل تريدين تغييره؟
-لا فأنا أحب اللون السماوي جدا، هل يمكنني أن أطلب منك شيئا؟
-بل تأمرينني
-أريد أن أحضر بعض لوحات ومفارش ومقتنيات كانت أمي تعتز بها كثيرا
-هل لك رغبات أخرى؟
-نعم أن تعدني ألا تتركني أبدا فليس لي في هذا العالم سواك
-لن أعدك لأنك تعلمين أني لم أتركك للحظة ولن أتركك حتى لو طلبت مني ذلك
تم الزفاف وحضرت أخته سلوى وزوجها وأطفالها وحضر المحامي وأسرة ليلى وبعض أصدقائهم وجيرانهم وكنا جميعا سعداء. بعد أن دخلنا بيتنا قبلني أمير وقال:
-لقد كنت لا أؤمن بالحب وليس لدي ثقة بالنساء حتى رأيتك وتغير حالي تماما لا أعرف ماذا فعلت بي لقد سحرتني عيناك فوقعت أسيرهما بدو أي مقاومة من أول لحظة
-كانت أمي تتنبأ لي دوما أن أتزوج أمير لذا تعلقت بالأمير وظننت أنه هو من سيحقق النبؤة لكني اكتشفت أن أمير ليس مجرد لقب رسمي بل هو وصف للقلوب فكم من أمراء نفوسهم دنيئة وكم من مواطنين نفوسهم أرقى من أرقى أمير وعندما وجدتني في الغابة وأويتني في بيت أختك وتعاملت معي بمنتهى الرقي كنت خائفة جدا لكني أدركت في النهاية أنك أمير النبؤة التي تنبأتها أمي بل وأمير قلبي.
#نجلاء_لطفي
#قصص
#حب
#رومانسية
#حكايات
![](https://img.wattpad.com/cover/277819600-288-k517259.jpg)
أنت تقرأ
أمير قلبي بقلم نجلاء لطفي
Romansaقصة خيالية عن فتاة كانت تحلم أن تكون سندريلا الأمير لكنها فوجئت بأن الواقع يختلف عن الخيال، فالواقع أشد قسوة ، لكن تلك القسوة علمتها أن تتخلى عن الأحلام وتستمتع بما بين يديها، فهل تجد السعادة؟