رب صدفة خيرا

39 2 2
                                    

في غرفة نوم فاخرة، حيث يعبق الجو برائحة الثراء المترف، يستلقي عمر صفي الدين على سرير ضخم، تغطيه مفارش سوداء تتخللها لمسات رمادية أنيقة، وتعلوه أغطية وثيرة تبدو باهظة الثمن. تمتد السجاجيد الفاخرة على الأرضية، بينما تنساب إضاءة خافتة من فتحات صغيرة، جزء من ديكور هندسي أنيق، يشي بأن هذه الغرفة لا يسكنها إلا رجل فاحش الثراء.

مع اقتراب الساعة الثامنة صباحًا، يفتح عمر عينيه ببطء، مستعيدًا وعيه تدريجيًا… ثم يتذكر!
بعد غدٍ هو يوم زفافه…

يرتسم على شفتيه ابتسامة صغيرة، مزيج من الرضا والانتصار، فهو يعلم أن هذا الزواج سيسعد والده كثيرًا. يزيح الغطاء الفاخر عنه، يقذفه بعيدًا، ثم ينهض من سريره قبل أن يدق المنبه مرة أخرى. يتوجه مباشرة إلى الحمام، يستحم سريعًا، ثم يرتدي بدلة رمادية أنيقة، وقميصًا أسود، وربطة عنق سوداء، ليبدو في قمة الأناقة، كما اعتاد دائمًا.

عندما ينزل إلى الطابق السفلي، يجد عائلته بانتظاره حول مائدة الإفطار.
يجلس هناك والده عاصم صفي الدين، والدته نيرمين المختار، زوجة أبيه سُهى الصاوي، أشقاؤه الخمسة، وزوجة أخيه عادل، وابناه آدم ولوجي.

وبمجرد أن يضع عمر قدمه على أولى درجات السلم، ينفجر إخوته في غناء نشاز:
"العريس جه… العريس جه!"

يضحك والده ووالدته وزوجة أبيه، بينما يرفع عمر كفيه مبتسمًا قائلاً:
"كفاية، كفاية!"

يجلس بجوار والده عاصم، الذي ينظر إليه بابتسامة رضا قائلاً:
"مبروك، أخيرًا هافرح بك يا عمر!"

يرد عمر، بينما يلتقط قطعة خبز من طبق أمامه
"أخيرًا إيه يا بابا؟! أنا لسه 32 سنة بس!"

لكن الابتسامة على وجه والده تتلاشى فجأة، ويحدّق فيه بنظرة صارمة:
"32 سنة وثلاث خطوبات فاشلة قبل كده، ولا نسيت؟ لكن المرة دي… والله لو حصلت غلطة واحدة، لا أنت ابني ولا أعرفك، فاهم؟!"

يشعر عمر بتوتر خفيف، لكنه يبتسم محاولًا التخفيف من حدة الموقف:
"يا بابا، من غير ما تقول، أنا مرتاح جدًا لسهيلة… عجبتني من أول لحظة، بنت منطلقة ومرحة…"

لكن والده يرمقه بنظرة متفحصة، مما يجعله يتابع بصوت مرتعش قليلًا:
"يعني… بصراحة عجبتني!"

يبدو أن الكلمات طمأنت عاصم، فيأخذ نفسًا عميقًا ثم يبتسم، بينما تقاطعهم رزان، زوجة أخيه، قائلة بدهشة:
"بس خطوبتكم ما كملتش غير شهر ونص، لحقتوا تعرفوا بعض إمتى؟!"

تتدخل والدته نيرمين، مبتسمة ابتسامة صفراء:
"إيه يا رزان؟! إحنا ما صدقنا يا حبيبتي!"

يرد عاصم بحزم، متجاهلًا الحوار النسائي:
"سيبك من كلام الستات ده، وخلينا نفرح بيك يا عمر! أنت كبير إخواتك، يعني ولي العهد، لازم تشيل اسم العيلة. ما تخليش شغلك يسيطر عليك، عايز أشوفك مستقر وكفاية شقاوة وطيش … عايز أشوف أحفادي!"

تلتقط نيرمين الفرصة، وتنظر بضيق إلى زوجة أبيه سُهى قبل أن تقول سهى بخبث:
"وأحفادك دول مش محسوبين ولا إيه؟!"

يبتسم عاصم، ينحني ليقبل يد حفيده آدم الصغير، ثم يرد بضحكة:
"طبعًا محسوبين، دول نور عيني! لكن نفسي أشوف أولاد عمر كمان!"

يضع يده على كتف عمر، وينظر إليه بفخر، بينما ترمق نيرمين ضرتها بنظرة انتصار، وكأنها وجهت لها صفعة غير مباشرة! لكن سُهى تظل هادئة، تتناول إفطارها وكأن شيئًا لم يحدث.

بعد الإفطار، يستأذن عمر والده للذهاب إلى العمل. وقبل أن يغادر، يرن هاتفه…

ينظر إلى الشاشة، "سهيلة بتتصل"… يبتسم والده، بينما يجيب عمر على المكالمة:
"أيوة يا حبيبتي؟ في حاجة؟"

لكن صوت سهيلة يأتي متوترًا، مضطربًا:
"عمر… لو سمحت، قابلني حالًا في قاعة الفرح عند نورا، قبل ما تروح الشغل!"

يتجمد عمر لحظة، يسأل بلهفة:
"في حاجة؟!"

لكن سهيلة تقطع المكالمة قبل أن ترد، تاركة إياه في دوامة من القلق والتساؤلات.....

وهنا يتبع

زواج بالصدفة البحتهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن