الفصل ال٤٦

3K 261 18
                                    

#الجوكر_والاسطورة 5...(#متى_يهتدي_الوصال؟..)...
         #الفصل_السادس_والأربعون..
كالبائس لم يجد مكان مريح يطبطب على جرحه العميق،  قضى ساعات في سيارته دون أن يحدد وجهته، صدمته ليس بذاك الملقب بالجوكرٍ فهو يعلم جيداً إنه لم يحبه يوماً ليفعل الآن؛ ولكن جرحه عميق تجاه ما فعلته به، كان يظنها تعشقه مثلما عشقها، كيف استطاعت أن تخدعه، إن كانت تمكنت من خداعه فعينيها لم تخدعه يوماً، حبه يتراقص بحدقتيها كلما تقابلت النظرات فيما بينهما،  فربما لم يتمكن من احتضانها معنوياً ولكن نظرة تساوي ألف عناق يروي اشتياق قصة حكم عليها القظر بفجعة لم تكن بالحسبان،  أغلق "مروان" عينيه بقوةٍ وبداخله صراع عاصف بين الغضب والسخط تجاه هذا الشخص الذي استعبد حياته،  عصر قبضة يديه بعصبيةٍ اعتادت تملكه منذ البداية،  لا يود أن يعلم دافعه وراء ما فعله،  حرك مقود السيارة ثم تحرك عائداً للقصر والشر يتغمده بردائه المخيف....
***************
رفعت أصابعها المرتجفة تمسح دمعاتها خشية من أن يراها طارق باب غرفتها،  ثم استقامت بجلستها وهي تجاهد لثبات نبرة صوتها:
_أدخل..
ولجت زوجة أخيها للداخل،  فجلست لجوارها على الفراش ونظراتها الفضولية تكاد تنفذ إليها،  راقبت كل حركة صغيرة تصدرها حتى باغتتها بسؤالها الصريح:
_مالك يا "فاطمة"،  من ساعة ما رجعتي من الاتليه وأنتِ قافلة على نفسك ومبتخرجيش..
انكمشت بجلستها وقد انفلتت دمعاتها وكأنها ترغب في البوح عما يحزنها، اقتربت" سلمى" منها بلهفةٍ،  فتساءلت باستغرابٍ:
_انتي اتخانقتي مع "يامن" وأنتي بتجيبي الفستان ولا أيه!..
أتاها ردها ساخراً:
_هو فاضي يجي معايا من الأساس علشان  نتخانق،  وكل ما أكلمه يقولي مشغول في الشغل..
اجابتها بوجهٍ مبتسم:
_بقى هو ده اللي مزعلك ومخليكي تعيطي كده أنا افتكرت في حاجه كبيرة..
حدجتها بنظرةٍ مستنكرة لتقليلها لما أخبرتها به،  الا يكفي كونه لا يعيرها أي إهتمامٍ وخاصة بأن لم يتبقى على زفافهما سوى أيام معدودة،  استرسلت "سلمى" حديثها ومازالت البسمة مرسومة على وجهها البشوش:
_يا "فاطمة" يا حبيبتي،  أي عريس معاد فرحه بيقرب بيشوف اولوياته علشان يكون فاضي لشهر العسل ولعروسته،  بلاش تزعلي نفسك على أتفه الاسباب وافرحي كده بزمتك ده شكل عروسة فرحها كمان كام يوم؟!..
عبست من تحليلها الشبه منطقي واجابتها محتجة:
_بقى كده ماشي يا "سلمى"..
تعالت ضحكاتها وهي تعلق بلطافةٍ لتدخل البهجة اليها:
_ياختي أحنا مش فاضين للهبل ده ورانا شوبنج للركب واستعدادت للحفلة وانتي شاغلة نفسك بأيه،  يلا نامي وارتاحي وبكره تجهزي نفسك علشان  هننزل مع البنات كلنا ونجيب اللي ناقص..
ثم نهضت عن الفراش وهي تتكأ على الكومود لتغلق المصباح الصغير المعلق جوارها وهي تلوح لها بمرحٍ:
_تصبحي على خير يا عروسة..
أومأت برأسها وقلبها قد طاف به شعور مقبض جراء كلمتها الاخيرة،  لا تعلم أخجلٍ من العلاقة الجديدة التي ستجمعها بيامن أم توتر محتوم بعدما انشغل عنها بوقتٍ كهذا فتخشى أن ينشغل عنها عمراً بأكمله!..
**************
بغرفة"ريان"..
استمع اليه بحرصٍ شديد وخاصة حينما علم بمقتل "عمران" والوزير على يد "مراد" والمخاوف التي تهاجم "ريان" تجاه حمل زوجته، انصت جيداً لأكثر من نصف ساعة حتى انتهى "ريان" مما يحمله من أعباءٍ ثقيلة يحملها بمفرده ،  تنهد "سليم" ببطءٍ وهو يبحث عن كلمات مناسبة تلامس جرحه المكشوف فقال بثباتٍ:
_بص يا "ريان" أنا عارف أنت بتفكر في أيه بس صدقني الخوف اللي جواك نحية ابنك اللي جاي في السكة ده مالكش حق فيه،  انت طول عمرك شايل مسؤولية أخواتك وزي ما قدرت تكون أب وسند ليهم هتكون سند لابنك وأب عظيم..
ضم قبضة يديه القابضة  على أطرافٍ النافذة وهو يطيح بما يجول بداخله بعصبيةٍ بالغة:
_كنت مجبور أكون ليهم أب يا "سليم"، والأب بيحاوط على عياله وبيحاول يمنعهم عن أي شيء ممكن يدمر حياتهم وخبر زي اللي قولتلهولك ده ممكن يدمرهم ويدمر كل اللي أنت ورحيم عملتوه علشان العيلة دي..
ثم تنهد بألمٍ:
_أما بخصوص ابني فمش عارف اذا كان  لسه عندي رصيد حنان ادهوله ولا لأ...
رفع يديه على كتفيه وهو يخبره بجديةٍ:
_أنت مرتبك لانك هتكون أب لأول مرة بس صدقني هتحبه أكتر من نفسك..
ثم استقام بوقفته بعدما وضع يديه بجيب بنطاله الاسود الداكن ليستطرد بهدوءٍ:
_أما اللي عمله"مراد" فأولاً ده شغله يا "ريان"،  ثانياً والد" حنين" كان باين من الاول انه شمال،  مكنش هدفه انه يحمي بنته والكلام ده كان هدفه ان مفيش لغط وشوشرة تكشف الستار على أفعاله الوسخة بس اللي مش قادر أصدقه أن "عمران" هو اللي كان بيساعده طول الفترة اللي فاتت..
ارتسمت بسمة ساخرة على وجهه وهو يخبره:
_لا صدق والله أعلم هنعرف عنه ايه تاني..
والتقط كوب المياه الموضوع على الطاولةٍ القريبة منه ليبلل ريقه الجاف،  قبل أن ينطق:
_أنا مش زعلان أن "مراد" قتل ابويا أنا كنت متوقع نهاية للطريق اللي أختاره..
كان يظن أن أخيه الأكبر هو الشخص المناسب ليشاركه ما حدث معه،  ليشكو له ألم الحب المرير الذي عاهد بأن لا يزور قلبه حتى ولو كانت مرته الثانية، فحينما كانت تزيد بها الحياة بالمتاعبٍ والآلآم كان يلجأ إليه؛ ولكن حظه العسير أرسله في هذا الوقت الغير مرحب به لسماعٍ تلك الكلمات التي كادت بأن تصيبه بالصم،  شعر لوهلةٍ بأن جميع المصائب تقوده لشخصٍ واحد،  شخص إن كان بالماضيٍ يمقته مرة فاليوم يمقته ألف مرة،  أغلق "مروان" الباب بهدوءٍ خشية من ان يشعر به أحداً ثم تسلل للخارج،  أراد الاحتفاظ بهذا الجزء الذي استمع اليه لتو،  شرارة عينيه اقتادها نيران ستحرق مملكة "زيدان" بأكملها،  أصبح كفيف عن الرؤية،  لا يرى أمامه الا شعاع الانتقام المضيء بلهيبٍ أحمر مخيف!...
*****************
بالأسفل..
زفر "آدم" بملل وهو يلقي على مسمعها للمرة العاشرة ما سيفعله بخطتها:
_خلاص يا "ريم" حفظنا والله،  هنشغل "سليم" بكره طول اليوم ومش هنخليه يحس باللي بتحضريه ها لسه في أيه تاني!..
حدجته "سما" بغيظٍ، فقالت وهي تلوك حبة من العنبٍ:
_قولتلك يا "ريم" بلاش تستعيني بسيد أمريكا لحسن شايف نفسه مصدقتنيش..
أجابتها "ريم" بحزنٍ مصطنع:
_ما انا مش عارفة هقول لمين بس فوزعت المهمات بالتساوي عليكم..
رد "فارس" بضيقٍ:
_يعني انتي مختارة انه يوزعه ويلبخه طول النهار وللاستاذ "جان" مختارله يشتري بدلة اخر موديل وأنا مدبساني في تزين المطعم والليلة كلها،  مكنش عيد ميلاد ده!..
تعالت ضحكات "جان" بصوته الرجولي،  ليقطع ما قال:
_هي اختارتك للكبيرة يا ابو الفوارس خليك قدها بقى وبعدين انت عارف فرح فاطمة بعد يومين ومشغول في الترتيبات!..
أضاف "يوسف" بابتسامةٍ هادئة:
_متقلقش يا "فارس" هبقى أطلع ازين معاك بس اياكش حد من اللي الطقم ميشوفنيش فوق هبقى مسخرة..
تعالت الضحكات معاً، فقررت "نغم" اخبارهما بما تخفيه "ريم" والسبب الحقيقي خلف الاحتفال المفاجئ:
_الاحتفال مش سببه عيد ميلاد سليم بس..
ثم بترت كلماتها بضحكةٍ تسلية،  هامسة بصوتٍ منخفض:
_أقول ولا تقولي انتي يا ريمة..
تلون وجهها بخجلٍ،  فتساءلت منة باهتمامٍ:
_أنتوا هتتعازموا قولوا وخلصوا..
كادت نغم بالحديث فقابلت نظرات ريم المتوعدة،  فأشارت بيدها على بطنها بمرحٍ ليفهم الشباب ما تود قوله،  أسرعت "ريم"  خلفها بغضبٍ ومن خلفهم الفتيات بمباركتهم الحارة..
*****************
غفلت على ذراعيه وطفلته لجواره،  عينيه تتشبع بالنظراتٍ الى صغيرته تارة وإليها تارة أخرى،  لا يعلم لما ينبض قلبه بعنفٍ حينما تختم العين برؤياها!..
تلقائياً يبتسم في ابتهاجٍ ونشوة غريبة وكأن النظرات تنفذ إلى القلب،  انحنى برأسه ليطبع قبلة مطولة على جبينها وهو يهمس بخوف يحاربه لأول مرة:
_مش هسمح لأي شيء يدمر علاقتنا...
************
لجوارهما كانت تتأمله خلسة والبسمة الحالمة تزين شفتيها،  لم تمتلك الجراءة يوماً لتتطلع إليه مثلما تتأمله الآن،  لا تعلم بأنه يغلق عينيه عمداً لتستمر هي بتأمله،  اقتربت منه "شجن" وهي تراقبه جيداً،  ثم مالت برأسها على صدره،  تستمع دقات قلبه برجفةٍ سرت بجسدها فشعرت بنبض جنينها وكأنه يتعرف على صوت دقات أبيه، أغلقت عينيها بقوةٍ وهي تنعش ذاتها برائحة البرفنيوم الخاصة به،  وفجأة تصلب جسدها حينما شعرت بحركة ذراعيه تتطوق خصرها بقوةٍ وتملك فلم تجد ما تفعله سوى الاختباء حرجاً مما كانت تفعله وخاصة حينما همس بآذنيها:
_هعمل نفسي نايم كل يوم..
ابتعدت عنه وهي تدفعه بعيداً عنها، فتمسك بيدها ثم أجبرها على البقاء بداخل احضانه ليغمز وهو يردد بخبثٍ:
_مستحيل هتخرجي بسهولة،  لأن ده مكانك الطبيعي، لسه عندك اعتراض!..
اشرق وجهها ببسمةٍ رقيقة فاغلقت عينيها بارتياحٍ على صدره حتى وصلت الطائرة مطار القاهرة الدولي لتعلن عن وصول الطائرة الخاصة للجوكر والاسطورة لمواجهة مصير غامض وحرب سيخوضها كلاً منهما بجانب الاخر...
#ترقبوا... #الاقوى_قادم..
#الجوكر_والاسطورة5..
#بقلم_ملكة_الإبداع_آية_محمد_رفعت..
******_________******


الجوكر والاسطورة 5 (متى يهتدي الوصال؟...) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن