كانت تبدو كحفلةٍ عادية مثل باقي الحفلات في قصر مملكة (إيفيرا) التي تتسم دائمًا بالرقص والمرح طوال الليل، ولكن ما أثار انشغال (ستيلا) تلك الفتاة الشقراء ذات الثلاثة والعشرون عامًا هو القلق الواضح وغير المبرر من سيدتها الدوقة (شارلوت كالوم)، حيث أنها كانت تعمل وصيفة لديها منذ أكثر من خمس سنوات؛ فاتجهت ناحيتها قائلة بقلق:
- سيدتي، هل أنتِ بخير؟!.
نظرت إليها قائلة:
- اليوم هو يوم مصيري يا (ستيلا).
- لِمَ يا سيدتي!!.. قالتها بتعجب.
تنهّدت قائلة:
- أتمنى أن تتم تلك المعاهدة على خير
- عن أي معاهدة تتحدثين؟!
- آااهٍ، يا إلهي لقد نسيت أنكِ كنتِ في القصر الفرعي، لم تعودي إلى القصر الرئيسي إلا اليوم فقط، لذلك لا تعلمين بأخر الاحداث.. قالتها الدوقة، ثم أكملت قائلة:
- تعرفين مملكة (أراميس) بالتأكيد.
- أجل أعرفها.. قد كان هناك عداء منذ قدم الأزل بين المملكتين.. تعثرت (ستيلا) في إجابتها، وحاولت أن تتماسك أمام الدوقة؛ فأكملت الدوقة قائلة:
- أجل، أخيراً وافق وليّ العهد لمملكة (أراميس) على الصلح، وسوف نستقبله اليوم.
أصاب جسد (ستيلا) حالة شلل كامل، لم تستطع أن تتحرك بعد سماعها ذلك الخبر الصادم.
- (ستيلا)، هل أنتِ بخير؟ قالتها الدوقة بقلق.
التفتت إليها وحاولت أن تتماسك وترسم ابتسامة على وجهها، ردت قائلة بتوتر:
- في الحقيقة يا سيدتي، أنا أشعر ببعض التعب، ولذا سوف استأذنكم كي أذهب إلى غرفة الاستراحة.
انحنت لها باحترام، وهمّت بالخروج ولكن صوت البوق المعلِن عن وصول الضيف المنتظر أوقفها، فالتفت لتنظر ناحية باب القاعة، ثم رأته يدخل بكل عظمة وغرور كعادته، وانطلقت مسرعة لتخرج، ولكنها اصطدمت بأحد الخدم؛ فوقع كلاهما على الأرض مما تسبب في إحداث ضجة كبيرة، حاولت النهوض والخروج، فتقدم أحدهم وحاول مساعدتها على النهوض، التفّت كي تشكره قائلة:
- شكرًا لك سيـ....
ولكنها توقّفت في منتصف الجملة عندما التقت عيناها مع عيونه السوداء، تلك العيون التي لا تعرف الرحمة، وكانت تأمرها من بعيد أن لا تتحرك، ولكنها انطلقت تركض مسرعة كما لو أن شبحًا يطاردها، وصلت إلى غرفة الاستراحة وهي تلتقط أنفاسها، جلست وكل جسدها يرتعش من الرعب، أخذت تردد قائلة:
- آه يا إلهي ماذا سأفعل الآن!!.. لقد رآني، إنه يعرف أنني هنا ويعرف أنني حية، سوف يقتلني بالتأكيد.. قالت جملتها الأخيرة بصوتٍ مرتفع.
- من هو؟!، من الذي سوف يقتلك؟!!.. قالتها (شارلوت) بقلق.
رفعت (ستيلا) رأسها بعدما سمعت صوت الدوقة ونهضت مسرعة، قالت وهي تنحني:
- دوقة.
دفعتها للجلوس مرة أخرى، ثم أشارت إلى وصيفتها الثانية بأن تغلق الباب، ثم التفتت قائلة بقلق:
- (ستيلا)، ماذا يحدث؟!.. لم أركِ يومًا بهذا الشكل، تبدين كما لو أنكِ رأيتِ شبحًا، من فضلك أخبريني ماذا يحدث...ألسنا عائلة؟!!.
- بلى، نحن كذلك.
تنهدت قائلة:
- تعلمين جيداً أنني أحبكما، وأتعامل معكما كبناتي وليس كوصيفاتي، لذلك أخبريني ماذا يحدث؟!!.
- لا أستطيع الآن، يجب أن أذهب من هنا أولاً.. قالتها (ستيلا) وهي ترتجف.
- حسنٌ.. حسنٌ سوف أخبر الحارس أننا سوف نغادر.. ثم همّت (شارلوت) بالنهوض، لكنها توقفت عندما سمعت طرقات خفيفة على الباب؛ فالتفتت لـ(ستيلا) التي نهضت من جلستها مسرعة قائلة بفزع:
- لا تفتحي.
- اطمئني.. مهما كان الأمر فـ(دوقية كالوم) سوف تحميكِ.. قاطعها صوت اقتحام أحدهم باب الغرفة، رفعت (ستيلا) وجهها لتجده أمامها ينظر إليها، لم تستطع التحرك من مكانها، التفتت إلى الدوقة كما لو أنها تطلب منها إنقاذها.
- وليّ العهد!!، كيف لك أن تدخل غرفتي بهذا الشكل هل تعلم منـ...
أشار لها كي تصمت، ثم قال بهدوء:
- أنا لست هنا من أجلكِ.. ثم أشار إلى (ستيلا) وأكمل:
- أنا هنا من أجل (ستيلا).. مرحبًا أميرتي.
عند سماعها له يناديها بتلك الطريقة، لم تعد قدماها تستطيع الصمود أكثر من ذلك، فوقعت على الأرض فاقدة للوعي من شدة الرعب، فكيف لها أن تنساه!!.
***
يتبع
أنت تقرأ
مملكة أراميس (الأميرة ستيلا) - للكاتبة إيمان أبو الغيط
Romansaمملكة أراميس (الأميرة ستيلا) - للكاتبة إيمان أبو الغيط *** كانت الأميرة (فريا) _والدة (ستيلا)_؛ تنادي عليهما بصوت مرتفع، خرجتا من الغرفة مسرعتان، قالت (ستيلا): - أمي، ماذا هناك؟!!. اتجهت (فريا) إليها وأمسكتها من يدها تجرها، ثم أشارت للخادمة بأن تتب...