صمتت أسيل قليلاً بعدما طلب خالد منها
أن تحدد له نسبة مخزونه من الذكاء
ثم نظرت إليه , و تأمّلته كثيراً , ثم أمسكت برأسه ,
و أمسكت ثنية من جلده بين أصبعيها :- خالد ..
إن مخزونك الآن لا يتعدى ستمائة وخمسين وحدة ..
و قد يكون ستمائة فقط بعد استنزافك الكثير من الوحدات
فى تفكيرك ..
فصمت ثم سألها : - و كم يتبق لامرأة الحاكم
حتى تضع مولودها ؟
فأجابته : - أعتقد أنه يتبقى شهران و عشرون يوماً
أكثر أو أقل بأيام..
بعدها نظر إلى إياد :- هل سيستغرق حفره عشرين يوماً فقط ؟
فابتسم إياد :- أعتقد ذلك ..
و إن شئت أحضرت هؤلاء العمال من الغد ..
فصمت خالد , و طال صمته تلك المرة ثم نظر إليهم :- أريدكم أن تتركونى وحدى الآن ..
فابتسمت أسيل :- خالد .. أريد أن أبقى معك ..
فوضع وجهها بين كفيه برقة : - أريد أن أكون وحدى يا أسيل .. عليكِ أن تعودى إلى المسكن مع يامن الآن ..
أريد أن أتخذ قرارى بمفردى ..
ثم نظر إلى يامن : - اصطحب أسيل إلى المسكن ..
و أنا سأتبعكما لاحقاً ..
ثم نظر إلى إياد , و شكره على تفكيره فى إيجاد الحل له .. ثم غادروا جميعاً ..غادر إياد و معه يامن و أسيل , و التى ظلت تتلفت
و هى تسير مبتعدة عن خالد , و تنظر إليه حيث يجلس ,
و كأنها لم تُرِد أن تفارقه حتى اختفى عن نظرها ..
بينما جلس هو على صخرة عريضة أمام السور ..
ينظر إليه و يفكّر فيما أخبره به إياد , و يتحدث إلى نفسه .. إما البقاء فى زيكولا أو العودة إلى بلده .. و هو غبى ..
و يسأل نفسه ؛ هل يجد ذلك السرداب حقّا إن عبر هذا السور أم أنه سراب سيظل يطارده ..
ثم يبتسم , و يتحدث إلى نفسه , و كأنها شخص أمامه يحدّثه
و يقنعه : - أنت شايف إن فيه حل تانى ؟ ..
زى ما قلت قبل كدة مبقاش فاضل غير المجازفة ..
ثم ضحك و أكمل مناقشته لذاته : - قررت أيه يا خالد ؟ .. ترجع بلدك و معاك ميت وحدة ذكاء بس ..
و لاّ تبقى هنا طول حياتك ؟ .. .
- لو وافقت على اللى قاله إياد لازم تحس بلذة اللحظات دى .. لأنها ممكن تكون آخر لحظات ذكاء تعيشها ..
ثم عاد بجسده للخلف ..
و أسند ذراعيه خلفه , و تذكّر جده حين كان يبتسم ,
و يداعبه صغيراً .. و يخبره بأنه ذكى ..
حتى كبر , و عاد إليه يوماً بعدما لم يجد وظيفة بشهادته ..
و أخبره أنه لا فائدة لذكائه فى بلده ..
ماذا يفعل به , لاشئ ..
يبتسم , و يتحدث إلى نفسه بصوتٍ مسموع :- مش هتفرق كتير لما أرجع لبلدى .. الذكى مبيختلفش عن الغبى كتير .. يشعر كم اشتاق إلى جده , و إلى رؤيته ,
و يعلم أنه لم يشغله عن التفكير به سوى سعيه للعودة إليه من جديد .. و ينظر إلى السور ,
و يحدثه بصوت هامس : - أنت الحاجز الوحيد بينى
و بين اللى بحبهم ..
ثم نظر إلى البيت الذى يسكنه الخادم : - و انت الحل الوحيد اللى هيخلينى أشوف اللى بحبهم ..
ثم أمسك برأسه و مرر شعره بين أصابعه , و تحدّث :- أصعب قرار بحياتى .. أصعب قرار ..
هتقرر أيه يا خالد ؟ . هتقرر أيه ؟..
و ظل هكذا لا يتوقّف عقله عن التفكير ..
حتى اقترب الليل من الزوال , و بدأ خيط النهار يظهر ..
فنهض و اتجه إلى المسكن الذى يسكن به يامن و أسيل ..
و ما إن وصله حتى دلف إلى غرفة يامن فوجده نائماً ,
فهمس إليه : - يامن .. يامن ..
فلم يستيقظ فنكزه بيده حتى فتح عينيه ..
و كاد يتحدث فأشار إليه خالد أن يصمت , و تحدّث بصوت منخفض :- أسيل فى الغرفة المجاورة ..
و لا أريدها أن تصحو .. إن كانت نامت من الأساس ..
فنهض يامن , و جلس على سريره فاتحاً عينيه بصعوبة ..
حتى أكمل خالد بصوته المنخفض : - أريد أن أتحدث إليك ..يامن :- حسناً ..
فأكمل خالد :- لقد اتخذت قرارى ..
فنظر إليه يامن .. ينتظره أن يكمل حديثه سريعاً ..
حتى أكمل : - أرى أن إياد على حق ..
سأعبر سور زيكولا من خلال النفق ..
فقاطعه يامن :- خالد .. و ذكاؤك ؟!
فأجابه :- لقد فكرت كثيراً فى ذلك ..
لقد أخبرنا إياد أن حفر ذلك النفق سيستغرق عشرين يوماً .. و سيعطينا ذلك الخادم البيت حتى يوم زيكولا ,
حتى يعود أصحابه إن عادوا..
فقاطعه يامن :- نعم سيعودون ..
هكذا تجار زيكولا , سيطير خبر يوم زيكولا قبله بأيام .. فيستعد كل من يريد العودة , حتى يُفتح باب زيكولا فيدخلونها ..
فواصل خالد حديثه : - هذا ما أقصده ..
يتبقى على يوم زيكولا شهران و عشرون يوماً ..
سيُحفر ذلك النفق , و لكننى لن أغادره حتى يوم زيكولا ..
إنهم ثمانون يوماً .. إن عملت هنا مقابل ست وحدات باليوم , سأوفّر حتى يوم زيكولا ربما ربعمائة و ثمانين وحدة ..
مع ما تبقى لدى من المائة وحدة ..
سيكون لدى ما يقرب من ستمائة وحدة ..
أى أننى لن اختلف كثيراً حين أخرج من النفق ..
و ستنفعنى كثيراً تلك الوحدات حين أصل إلي سرداب فوريك.. فابتسم يامن : - إنّه قرار حياتك يا صديقى ..
و لا دخل لى به ..
ثم أكمل :- إنك ذكى حقاً يا خالد , و كم أنا مسرور لذلك .. فأنك ستبقى معنا شهرين آخرين ..
خشيت أن ترحل بعد عشرين يوماً فقط ..
فابتسم خالد :- هذا إن وضعت زوجة الحاكم ذكراً ..
ربما تطول المدة إن وضعت أنثى ..
و انتظرنا يوم زيكولا فى موعده الأساسى
بعد خمسة شهور ..
فابتسم يامن : - الآن أتمنى أن تضع أنثى ..
فابتسم خالد ثم زالت ابتسامته :- أردت أن أحدّثك بعيداً
عن أسيل لأننى لا أريد أن أسبب لها الكثير من التعب ..
و أخشى أن يؤثّر ذلك على عملها كطبيبة زيكولا الأولى .. اليوم سأفقد ذكائى ..
سأصبح فى عداد أغبياء زيكولا و فقرائهم ..
لن أستطيع التفكير ..
و إن فكّرت ربما ستكون قراراتى غبية ..
ثم نظر إليه ,و أمسك بذراعيه : - يامن ..
من اليوم أنت من ستتخذ أى قرار يخصّنى ..
فسأله يامن مندهشاً :- أنا ؟!!
فأجابه خالد : - نعم .. أخشى أن يكون تفكيرى بغباء يسبب الكثير من المتاعب ..
و لهذا سأحمّلك مسئوليتى بعد اليوم ..
سأطيعك مهما كان قرارك .. بالطبع ستكون أذكى منّى ..فصمت يامن , و فرك شعره :- إنها حقاً مسئولية كبرى .. فأكمل خالد :- ما عليك سوى أن تجعلنى أعمل ..
حتى استرجع ذكائى ..
فإن فعلت ذلك فلن أنساه طوال عمرى ..
ثم هدأ صوته , و اقترب منه :- أريد أن أخبرك بشئ آخر .. - يامن .. إننى أحب أسيل ..
و أخشى أن أكون غبياً فتبتعد عنى ..
سأطيعك فيما تراه أن أفعله تجاهها أيضاً
فرد يامن : - أرى أنها تحبك أيضاً , و تحبك كثيراً ..
فابتسم خالد :- أعلم ذلك ..
و لهذا فكرت أن آخذها معى إلى أرضى ..
لقد فكرت كثيراً فى ذلك ..
و لكننى ترددت أن أخبرها بحبى لها ..
و قررت أن أخبرها بذلك حين أجد الطريق ممهداً
لعودتى إلى بلدى .. سأتركك وقتها تخبرنى ماذا أفعل .. فابتسم يامن :- أتمنى لكما السعادة يا صديقى ..
فابتسم خالد :- حسناً لننهض .. علينا أن نذهب إلى إياد .. و أعتقد أن أسيل قد استيقظت ..
لا تخبرها بشئ مما قلناها ..
فابتسم يامن , و قد نهض :- حسناً ..
أنت تقرأ
أرض زيڪولا ـ مڪتملة √
Fantasíaهل جرّبت أن تتعامل بعملة مختلفة عن العملات الورقية .. ليست معدنية وليست ذهبية ...الثروة هنا من نوع آخر ... لن تدفع مالاً لتأخذ ..بل ستدفع من ذكائك ..ستدفع من وحدات عقلك... ولكن انتبه فـ للثروة حدود ...فهنا المفلس لا يعامل باحتقار أو يُهان كما يحدث ف...