الجراح الذي اجرى العملية لنفسه... بنفسه...

7 0 0
                                    

الجراح ليونيد روغوزوف كان جراحاً شاباً في القطب الجنوبي مع فريق بحثي في الاتحاد السوفييتي السابق بقاعدة نوفولازاريفسكايا.. كان يبلغ من العمر سبعة وعشرين عاماً فقط... وفي إحدىليلي الخريف العاصفة بدأ يحس بألم خفيف وسط بطنه.. فشرب شراباً حاراً ونام علَ الألم يختفي في اليوم الذي بعده.

لكن وطأه الألم ازدادت واتجه إلى الجزء السفلي الأيمن من بطنه وصاحب هذا الألم حرارة واستفراغ.شخص الجراح روزوغوف مرضه أنه التهاب الزائدة الدودية... المصيبة أنه الطبيب الوحيد في هذا الفريق... وإذا ظلت الزائدة هذه من دون علاج فإنها ستنفجر مطلقة كمية من البرازفي البطن مؤديه لتسممه.

في تلك الليلة كتب روزوغوف بمذكراته:

( عاصغة ثلجية شديدة بالأجواء وكأنها تعصف داخل روحي.. ليست هناك أعراض على أن أجد حلاً لمشكلتي هذه وإلا كان الموت مصيري.... هناك حلان إما أن أستسلم وإما أن أجري العملية بنفسي لنفسي.... أدري أن هذا محال.. لكن لا وسيلة للنجاة سوى بذلك.)

في اليوم التالي ازدادت حالته سوءاً... فأخذ يفكر بإجراء العملية لنفسه... لكنه إن فشل بإجرائها فقد يموت... كيف إذا فتح بطنه ثم لم يستطع إكمالها؟

حزم أمره بإجراء العملية..

بدأ العملية في العاشرة ليلاً فجعل السائق يقبض بمرآة تعكس بطنه بينما ينظر هو بالمرآة ويجري العملية... عاونه بشد بطنه ثلاثة علماء في المناخ وليس في الطب.

لم يستطيع تخدير نفسه إلا قليلاً ثم قطع جلده بالسكين وغاص قاطعاً لعضلات البطن ثم أدخل إصبعه في بطنه باحثاً عن الزائدة الدودية بالإحساس فقط... أحس بتعب شديد فأخرج يده وارتاح لبضع دقائق.

كان الخوف والقلق والموت يملؤون الأجواء..

أدخل إصبعه مرة أخرى وبحث حتى وجد الزائدة فقطعها .... ثم خيط الجرح واستسلم للنوم.

شقي روزوغوف بعد يومين من المرض الشديد وكتب عن عمليته:

(لم أسمح لنفسي أثناء العملية بالتفكير في أي شيء آخر سوى إتمام المهمة... كنت مضطراً أن أسرق نفسي وأسرق وجودي لأضعه في هذه العملية فقط)

أما أنا فأقول أننا في الحياة دوماً نمر بمثل هذه التجارب حين نضطر أن نستخرج الشر من نفوسنا... كم هي مهمة مستحيلة حين تجري جراحة نفسك لنفسك... أفلح من استطاع إخراج الشر من نفسه وفاز بالنجاة والخلود... فاسرق نفسك من نفسك يا صديقي تنجُ.

                                                                                                                                              من كتاب ماء ودم للكاتب محمد جمال

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 28, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

قصص قصيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن