رُويت الكثير من الأساطير عن الشعوب الإفريقية منذ بدء غزوها من قبل القوى الاستعمارية الأوروبية، وحاولت تصويرها على أنها "شعوب متخلفة آكلة للبشر ولا تعرف شيئاً عن القانون"، لكن هناك بعض القصص التي تأكد فيما بعد أنها حقيقية بفضل توثيق مجموعة من الباحثين.
صحيفة The Washington Post الأمريكية سلطت الضوء، في تقرير لها نشرته الخميس 26 أغسطس/آب 2021، على الجيش النسائي الوحيد المُوثّق في التاريخ الحديث الذي يعود لمملكة "داهومي"، دولة بنين حالياً.
تقول نانليهوندي هويدانو إنَّ جدتها الكبرى كانت تستطيع فصل رأس رجل عن جسده بشفرة منحنية، وتسلق حائط مليء بالأشواك. وقد كرّست حياتها بأكملها للدفاع عن ملك بلدها.
توضح السيدة العجوز أنَّ هذه التفاصيل، التي وصلت إلى مذكرات المستكشفين الأجانب، برغم أنها صحيحة، لا تعطي الصورة الحقيقية كاملةً.
جيش مملكة داهومي النسائي
تريد نانليهوندي هويدانو تعريف الناس بالمزيد عن أمازونيات مملكة داهومي (بنين حالياً)، الجيش النسائي الوحيد المُوثّق في التاريخ الحديث.
أمضى الباحثون عقوداً في الفحص الدقيق لمحفوظات الدول الأوروبية وغرب إفريقيا لرسم صورة عنهن من مقتطفات البعثات الإيطالية والتجار البريطانيين والضباط الفرنسيين.
بيد أنَّ جزءاً محورياً من أسطورة أمازونيات داهومي محاه الزمن والحكم الاستعماري؛ ألا وهو إنسانيتهن.
تقول نانليهوندي، وهي الآن بعمر 85 عاماً، وواحدة من آخر الأحياء الذين نشأوا مع أمازونية: "كانت جدتي لطيفة، وعُرِف عنها أنها تحمي الأطفال".
غالباً ما يُروَى التاريخ من خلال عدسة الغزاة. وقد صاغت بريطانيا استيلاءها على المملكة في غرب إفريقيا في عام 1897 على أنه "مهمة عقابية"، متسترة على السرقة الجماعية للآثار البرونزية التي لا تُقدّر بثمن.
بعدما استولت فرنسا على ما يُعرَف الآن بجنوب بنين في عام 1894، حلّ الضباط الاستعماريون القوة الفريدة للمحاربات في الإقليم، وافتتحوا فصولاً دراسية جديدة ولم يرد أي ذكر في مناهجها عن الأمازونيات.
حتى اليوم، لا يعرف الكثيرون في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 12 مليون نسمة سوى القليل عن أمهاتهم.
الاستعمار الفرنسي أبادهن تقريباً
لكن يعمل الآن فريق من الباحثين البنينيين على إعادة صياغة السرد التاريخي. وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، كان المؤرخون في المدرسة الإفريقية للاقتصاد -وهي جامعة خاصة أسسها الاقتصادي وأستاذ العلوم السياسية ليونارد وانتشيكون بالقرب من العاصمة كوتونو- يتعقبون أحفاد الأمازونيات في جميع أنحاء البلاد.
