16- أني أكرهه

65.1K 1.5K 78
                                    

كان شريف يحتضن غرام بقوة، وكأنه يخشى أن تفلت منه، لكن صدمته كانت سريعة حين التفت ليجد عز يدخل عليهم. تصلب جسده للحظة، بينما ظل ينظر إلى القادم باستغراب. غرام لم تنتبه لوجود عز في البداية، لكنها شعرت بتغير الأجواء فجأة، فاستفاقت كأنها استوعبت ما يحدث، دفعت شريف بعيدًا عنها بسرعة، تراجعت للوراء، ونظرت له بعينين مشتعلة بالغضب، بينما الدموع ما زالت عالقة في مقلتيها.

تقدمت خطوة نحوه، وصوتها المرتجف بالكلمات كان يحمل أكثر مما تحتمله لحظة واحدة، كأنها تقذفه بكل ما كانت تكتمه بداخله:

"اوعى تلمسني! ولا تفكر إنك بني آدم عنده قلب أو ضمير.. أنت حيوان، عارف يعني إيه حيوان؟!"

لم يمهلها عز فرصة للاسترسال أكثر، اقترب بسرعة، وعيناه تتنقلان بينهما، كان يدرك أن الوضع يزداد سوءًا كل ثانية تمر، فحاول تهدئتها وهو يراقب الطريق خلفه:

"غرام، كفاية كده.. عز جاي ورايا، ادخلي أوضتك."

لكنها لم تتراجع، كانت تشعر أن هذا هو الوقت المناسب لتقول كل شيء، وقفت بثبات والتفتت له بعينين لا تخفيان شيئًا:

"ما ييجي عز! خليه ييجي، يمكن يحس على دمه ويعرف إن أخوه لازم يتعاقب على اللي عمله في بنات الناس!"

التفت عز إلى شريف بسرعة، يعلم أن بقاءه هنا للحظة أخرى قد يجعل الأمور تخرج عن السيطرة، فاقترب منه، وخفض صوته وكأنه يعطيه فرصة للنجاة:

"شريف، ادخل دلوقتي، عز لو شافك واقف مع غرام، هتبقى مصيبة."

لكن شريف لم يتحرك، عيناه كانت لا تزال معلقة بها، يراها غارقة وسط كل هذا الغضب، منهارة بهذه الطريقة أمامه. لم يفهم تحديدًا لماذا شعر بهذه الرغبة العميقة في البقاء، لكنه أجبر نفسه على الكلام، كان صوته هادئًا على غير عادته، وكلماته خرجت وكأنها اعتراف غير مقصود:

"هتصدقني يا عز لو قلت لك إن مش فارق معايا إيه اللي ممكن يحصل لي؟"

زفر عز بضيق، لم يكن هذا هو الوقت المناسب لسماع مثل هذه الكلمات، دفعه بعزم نحو الداخل، وأغلق الباب خلفه بسرعة قبل أن يصل عز. التفت إلى غرام التي لم تحرك ساكنًا، كانت أنفاسها ما زالت متلاحقة، وعيناها لا تزال تشتعل بالغضب. نظر إليها للحظة، ثم قال بصوت لم يخلو من الواقعية:

"أنا عارف إنك مريتي بإيه وحاسس بكل حاجة، بس مهما حصل، شريف يفضل غالي عند عز أكتر منك."

نظرت له ببرود، تأملته من أعلى رأسه حتى أخمص قدميه، وكأنها تقيمه للحظة قبل أن تترك تعليقها الأخير، نبرة السخرية لم تكن خافية على أحد:

"اللي زيك حرام حتى الكلام معاه."

لم تنتظر ردًا، أدارت ظهرها وسارت مبتعدة بخطوات ثابتة، بينما ظل عز يراقبها حتى اختفت عن ناظريه، زفر ببطء وهو يهز رأسه قليلًا، ثم تمتم بصوت خافت، وكأنه يحدث نفسه:

حـــب خـــارج ارادتـــي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن