الفصل السادس

3.4K 146 0
                                    

الفصل السادس



أول فكرة خطرت في بال ميشيل هي عما دفعه لتركها والتوقف عن تقبيلها ... لقد أرادت المزيد .. بيأس وإحباط ... ثم رمشت بعينيها ناظرة إلى وجهه الوسيم الشاحب ... ولاحظت بأنه يناديها باسم امرأة أخرى .. قبل أن تدرك فجأة .. مذهولة .. ثم مذعورة حتى الموت .. بأنه كان يعنيها هي ..
تراجعت بعنف وهي تضم فستانها إليها ... وعينيها الواسعتين تحدقان به باضطراب :- بما .. بماذا ناديتني ؟
اعتدل واقفا ... وقد نجح تقريبا في السيطرة على انفعالاته ... وقال بهدوء :- لقد ناديتك بسارة ..
هزت رأسها وكل عاطفة كانت تلفها قد طارت مع الريح ... وقالت بعنف :- اسمي ميشيل ... ولا أعرف ما الذي تقصده بمناداتي بسارة
تقدم نحوها ببطء وهو يقول بهدوءه المستفز :- لأنه اسمك ... أنت سارة .. سارة برانستون
اختفى اللون من وجهها ... وضجيج عالي يدوي في أذنيها .. أحست بالدوار وكأنها ستفقد توزانها مما جعله يتقدم مادا يديه نحوها .. فتراجعت هاتفة بعنف :- لا تلمسني .... لا تلمسني
قال بحزم :- اهدئي سارة ... لا داعي لكل هذا الاضطراب .. أعرف كم هو صعب عليك مواجهة الحقيقة ...
تراجعت وهي تحاول إصلاح فستانها قائلة باضطراب :- من أنت ... من تكون .. وما الذي تريده مني ؟
:- ليو برانت ... صديق شقيقك دانيال ... الذي يبحث عنك منذ سنوات طويلة وكله أمل بإيجادك أخيرا سارة
صرخت بانفعال :- لا تناديني بهذا الاسم .... أنا لست سارة ... أنا ميشيل
نظر إلى عينيها قائلا بصرامة :- أنت سارة برانستون ... الابنة الوسطى لجيرارد برانستون المفقودة منذ أكثر من ثماني عشر سنة ... أنا متاكد من أنها أنت ... كل الدلائل والتحريات تشير إليك ... أما ما جعلني أتأكد من هويتك هي الوحمة الغريبة أسفل كتفك الأيسر ... وهي علامة وراثية يحملها كل فرد من عائلة برانسون ... كما أنها مذكورة بكل وضوح في التقرير الذي سلمه شقيقك إلي قبل سفري إلى نيويورك طالبا مني محاولة الوصول إليك
أحست فجأة بالغثيان .... لوهلة ... كل ما تمكنت من التفكير به هو أن كل نظرة تلقتها من ليونيل برانت ... كل لمسة .. كل عاطفة أحرقت كل حواجزها وهدمتها خلال لحظة ... كانت مجرد كذبة ... وسيلة لا أكثر كي يتمكن من الوصول إلى وحمتها ... كي يعرف الحقيقة .. حقيقتها هي ..
ثم دوى اسم دانيال في عقلها بقوة ... مصحوبا بصور مبهمة خرجت من أعمق أعماق ذاكرتها .. صور لأماكن .. ووجوه ظنت أنها لن تراها مجددا ... صور ظنت بانها قد نسيتها تماما خلال ثماني عشر سنة من النكران
تمسكت بالمقعد الخشبي القديم .. وهتفت بصوت مختنق دون أن تتمكن من النظر إليه :- اخرج من هنا
:- سارة
:- لا تناديني بهذا الاسم .. واخرج من هنا قبل أن أتصل بالشرطة
ميز بوادر الهستيريا في صوتها المرتعش . الذي كان يرتفع شيئا فشيئا مع تقاذف الكلمات من بين شفتيها ... كما ميز الألم العميق الذي سببه لها برميها بدون إنذار في قرار الماضي .. قال بعطف :- أعرف بأنك مصدومة الآن ... من الصعب مواجهة الماضي بعد كل هذه السنوات ... لا تتدعي بأنك لا تذكرين سارة .. لقد كنت أكبر من أن تنسي من تكونين .. اسمك وعائلتك الحقيقية .. أنت تذكرين كل شيء فأنا قادر على رؤية الذكرى في وجهك .. في عينيك اللتين ترفضين السماح لي برؤيتهما ... لا أتخيل ما قاسيته قبل ثمان عشر سنة عندما لم تتمكن عائلتك من إيجادك .. لقد انتهى كل هذا الآن
تمتمت بانفعال وجسدها يرتعش بقوة :- أنت لا تعرف أي شيء عني .. أي شيء ... كيف تجرؤ على اقتحام حياتي ... على خداعي واستغلالي بهذه الطريقة البشعة .. أنت وحش بشع .. مثلهم تماما .. تلك العائلة التي أرسلتك إلي .. لا تعنيني بشيء ... اخرج من هنا سيد برانت ... اخرج ولا تعد أبدا ...
كانت ما تزال رافضة للنظر إليه ... منكمشة على نفسها ... شاحبة الوجه ... ترتعش وكأن حمى عنيفة قد أصابتها ... أدرك بأنها تحتاج إلى الانفراد بنفسها ... وعرف بأنها لن ترغب برؤيته مجددا بأي صفة كانت ..
تراجع نحو الباب قائلا بهدوء :- اعتذر إن كنت جرحتك بأي طريقة سارة ... لا عذر لي أبدا في معاملتك بهذه الطريقة وقد عرفت بأنك شقيقة أعز أصدقائي .. أتمنى فقط بأن تفكري به .. بدانيال .. إنه يهتم لأمرك كثيرا .. ولم يتوقف عن التفكير بك منذ اختفاءك .
أغمضت عينيها بقوة ومشاعرها تهدد بفضحها في أي لحظة وهي تقول شاهقة :- اذهب .. أرجوك اذهب ..
غادر المكان بهدوء ... تاركا الصمت يلف المبنى المهجور والخالي إلا منها ... وأشباح تراصت حولها تضحك بصخب .. تذكرها بكل مرة رفضت فيها ونبذت .. بكل مرة احتاجت فيها فقط إلى قلب صادق يحبها .. ويهتم لأمرها ..
بهدوء .. وببطء شديد .. انزلقت ميشيل لتجلس على الأرض الباردة لغرفة المكتب التي بدت واسعة جدا في تلك اللحظة بعد أن غادرها ليو برانت ... أخفت وجهها بيديها ... وبدأت بالبكاء

كما العنقاء(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن