(1)

9.5K 178 15
                                    

لحني الخاص


(1)
لحن الصداقة ...لحن الأمومة...لحن الحب...لحن العائلة..لحن المخاصمة...لحن الحزن جميعها الحان...ليس للحياة معنى من دونها...تمشي في الشارع لتسمع هذه الألحان..الشارع..
ما هو الا ألحان...لا تتصل ببعضها...لكل شخص في الشارع لحنه...من محض الصدفة الخيالي...ان تلتقى بنصفك الثاني
في الشارع...من محض القدر...ان يمتلك نفس لحنك...ليسميه القدر لحنك الخاص ..
...
استيقظت في الصباح الباكر..يومها يبدأ بذكريات مؤلمة....
التاسع و العشرين من فبراير..يوم لا يتكرر..الا كل اربع اعوام..يوم موتهم هم الأثنين...اغلى ما اعطتها الحياة...
اخذهم منها القدر...قهرا لها...كانت ام و اب مثالية
لأخيها الذي يصغرها بثلاث اعوام..لم يتأثر بموتهم كما فعلت هي..هو لم يكن محبا لهم...لكن لم ينكر حزنه الشديد..على طريقة موتهم البشعة...الذي اثرت عليها .
دخلت الى غرفته محاولة نسيان ذكرياتها
"انت يا زفت قوم"
بصوت ناعس"انتي ايه اللي دخلك هنا"
"بقولك قوم...يالا قدامك مذاكرة مش ناقصة دلع"
"خلي حد من الخدم الزفت يبقى يصحيني بعد ساعة"
"ليه و هما شغلين عند اهلك...اتزفت قوم"
"حاضر.."
"و لم تخلى العائلة المصرية...من ولد او بنت "بيبرطموا
"بتبرطم بتقول ايه"
"مبقولش...انتي مش وراكي جامعة..ما تروحي بقى"
"اسلام...صدقني لو ماتعدلتش...مش هتشوف كويس"
"كلمتين كل يوم...انت مهمل...مش مسؤول...حمار...هتسقط...مش هتجيب مجموع....انا شايلة البيت لواحدي...وانت في الطراوة مش فالح غير انك تطلب مني فلوس...هاه نسيت حاجة"
"طب حس كده بقى...ضيف ديه عليهم...هات الموبايل بتاعك"
"ايه...يا بنتي ارحميني شوية...لازم اقطعلك نفسي مذاكرة...بعدين الموبايل بيساعدني في المذاكرة"
"هات الموبايل...ربع ساعة تكون تحت.."
تركته في حيرة من امره...كيف له ان يتعايش مع فتاة متحكمة..رغم معرفته بطيبته التي تسع اوروبا كلها...الا انه لا يستطيع ان يتحمل...تحكمها..الذي ابدى له انها متعجرفة
..
لم يرد ان يبدأ شجار اخر معها...يكفي عليه شجار في الصباح و في المساء.....جلس على الطاولة..تكفي كل خدم القصر...بعائلاتهم...
"ممكن تفكي البوز ده"
"لما انت تبطل صياعة ابقى ابطل بوزي"
"يا حبيبتي...انا بذاكر بطريقتي...عايزة ايه بقى"
"اسلام..اللي عندي قولته...اتفضل هات الموبايل"
"طب اخر مرة"
"اسلام"
اخذ هاتفه من جيبه...و هو يسبها في عقله بكل الألفاظ الذي عرفتها البشرية..
"انسة نسرين..الشوفير مستني حضرتك"
"قوليلوا جاية...اسلام...تقعد تذاكر ولو عرفت انك خرجت..مش هتحب تعرف ايه اللي هيحصل"
لم تأخذ وقت طويل...لتخرج من غرفة الطعام..تاركة خلفها
شخص يلعن حياته...التي اشبه بجحيم اليه
.....
.... "حضرتك هتعدي على الشركة ولا الجامعة"
نسرين:لا وديني المقابر

ذكريات تطاردها في كل مكان تذهب اليه...الا هذا المكان 

كأنه منزلها الثاني ...لم تجف دموعها من ليلة الحادثة المؤلمة...لم تكف النشرات عن اذاعة الخبر مرارا و تكرارا..
لمجرد مضايقتها ...
"وصلنا يا هانم"
"شكرا يا عم محمد"
دخلت الى منبع ذكرياتها...كانت تتذكر المرة الأولى لتأتي هنا
كانت مأساة لها..كانت اجتماعية لأقصى الحدود.....لامت كل من عرفته على هذه الجريمة...لامت نفسها انها جعلتهم يغادروا بسهولة ..

 نسرين:بقالي كتير مجتش قعدت معاكوا..معلش انتو عارفين بقى الشغل و المذاكرة و اسلام...صحيح يا ماما اسلام ده متعب اووي..مش عارفة اخليه يذاكر..خايفة يحصله حاجة بجنونه ده..

عينها تذرف دموعا...تتخيل الرد...عقلها يتذكر الأحداث واحدا تلو الأخر..
........
"انتي ازاي مش مسؤولة"
نسرين:بابا لو سمحت ...الموضوع مش كده...انت مكبر الموضوع اووي
والدها:مكبره ...معاكي حق من الطبيعي ان بنت ترجع الساعة 4 الفجر..معلش انا اللي مش متحضر...فوقي يا نسرين احنا مش في لندن ترجعي وقت ماعايزة..احنا ف مصر
نسرين:انا مش عملت حاجة غلط...انتوا بس اللي مزودنها...يارتنا مكناش نيجي مصر اصلا
ضربت بساقيها على الأرض لتبين ضيقها مثل الأطفال
والدها:استني عندك..احنا هنسافر اسبوع علشان الصفقة...عارفة يا نسرين لو جينا مش لقيناكي اتعدلتي...
نسرين:ايه هتحبسوني في أوضتي زي العيال الصغيرة
والدها:اوحش يا نسرين...اوحش
...
كلمات تتردد في عقلها...هل كان هذا العقاب الأسوأ؟..هل كانوا يعلمان بأمر الحادثة؟..لما لا يجيبانها؟...هل هم خائفون ان يجاوبوا ..ام هي التي تخاف الأجابة...
تقرأ لهم الفاتحة بصوت مبحوح...تمنت ان يعود الزمن..لتمنعهما من السفر..او على الأقل لتودعهما...
نندم على اشياء لا تستحق الندم...و نحزن على اشياء لا تستحق الا الندم..هذا هو حالنا كبشر..
..
نسرين:  يالا يا عم محمد..على الجامعة بسرعة  
لم تكن تلك المتعجرفة...احبت النظام..مثل والديها
كانوا الخدم يشفقوا على حالها الذي يتدهور..يوما بعد يوم
مرض الندم و الحزن اسوأ من اي امراض اخرى..
 عم محمد :اتفضلي يا فندم...تحبي اعدي عليكي امتى
 نسرين:لا مش لازم..ابعتلي العربية و انا هسوق
"ترجلت من العربة...لتدخل اصغر كوابيسها "الجامعة الأمريكية بالقاهرة
ما هو الا جحيم اليها...لم تحب البيزنس قط..لكن رغبة والدها اجبرتها على دخول هذه الجامعة....مباني ضخمة...نافذات من زجاج..حدائق...مطاعم..كانت جامعة اشبه بمسكن في الساحل الشمالي..
طلاب وجههم ممتلئ بمساحيق التجميل...باهظة الثمن..
"من وجهة نظرها بها او بدونها "هتفضل عرسة مهما حصل
كانت من المنبوذين...لم يعرف احد من هي ..و هل اتت بمنحة دراسة ام عائلتها من الأغنياء ..لم يعرف احد عنها اي شئ...غير سالي
 سالي:يا هلا والله...اخيرا قررتي تنزلي...الأمتحانات قربت و انتي مش حضرتي محاضرتين على بعض 
 نسرين:شوفتي..زهقت من الشركة والبيت قولت اغير...انتي عاملة ايه
 سالي:والله زي ما انتي شايفة..ولا اي حاجة جديدة...اومال اسلام عامل ايه
نسرين:اسلام هيشلني...انسان صايع مش بيذاكر اصلا...و فاكرني نايمة على وداني

سالي:يا بنتي خديه بالمسايسة...جو السيطرة ده مش هيجيب نتيجة...و هيعاند اكتر
نسرين:خلاص...انا طفشانة منه خلقة...يوسف فين؟
سالي:في الشركة...بدأت اتضايق..من وجوده في الشركة الدايم ده
نسرين:و بتضايقي ليه انشاءالله؟
سالي:مش بشوفه خالص يا نسرين..يرضي مين ده
نسرين:يا بنتي الواد بيعمل فوق طاقته علشان تتجوزا و برضوا معترضة
سالي:انتي عارفة اني مش عايزة حاجة من دول
نسرين:بس ابوكي و امك عايزين...انبطي بقى....انا هروح الشركة تحبي تيجي؟
سالي:اوكي ماشي...اهو برضو اشوف يوسف باشا 
نسرين: احنا علينا محاضرات النهاردة؟
سالي:كان علينا بس انتي اتأخرتي... 
نسرين:طب يالا نمشي من هنا ..
صمت يعم المكان..نظرهما مثبت نحو الطريق...كل واحدة تفكر في حياتها...سالي صاحبة الشعر الأشقر..تفكر في حياتها مع حبيبها ...يعوقهما والديهما ..يضعون المستحيل امامهم..
كأنهم رافضين ان يتم هذا الزواج بشتى الطرق!!
..
دخلا الى شركة عز للأقتصاد...اكبر شركات الأقتصاد في العالم...عمال و محاسبين و موظفين يقفون بأستقبالها...يبتسمون ابتسامة واسعة ...بدل سوداء...احذية سوداء..تعج المكاتب رائحة الياسمين ..كانت هذه شروط العمل...ابتسامة رائعة تبرز فيها اسنانك البيضاء...بسبب عملية التبيض...زي اسود كالليل...نظر مثبت نحو المدير...
و مقولة"الزبون دايما على حق" من اعظم المقولات التي اضاعت كرامة معظم العمال و الموظفين...
 نسرين:يوسف بيه جوه؟
رنا (السكرتيرة):اه يا فندم...اتفضلي 
فتحت باب مكتب...واسع..اسود اللون...حديث الطراز
يعج بالورق...و في وسطهم شاب في منتصف العشرينيات...
 نسرين:يوسف
 يوسف:لا والله ..انتوا الأتنين مع بعض كده كتير عليا
 سالي:اه ماهو فعلا كتير عليك...اقعد فين انا دلوقتي
يوسف:نعم ياختي...يا نسرين ديه جاية تقعد
نسرين:ما تخليها تقعد يا اخي...مش فاهمة انا ايه المشكلة
 يوسف:لا يا حبيبتي...انا بشتغل هنا و مش عايز ازعاج
سالي ببعض من الضيق:انا مزعجة...شوفتي يا نسرين ..ولما اتضايق تقولوا مش معايا حق
 نسرين:بس بس..ايه هتتخانقوا وانا موجودة..هو بيهزر
سالي:لا انا زعلانة
يوسف:شوفتي بقى قمص العيال الصغيرة
سالي:بس مش تقول عيال.
يوسف:هي ديه اللي علقت معاكي...
نسرين:طب انا اسيبكوا بقى...لأني حاسة اني مش هخرج بعقلي كامل
لم تنتظر رد اي منهم...خرجت من مكتبه و توجهت الى مكتبها..الذي لا يقل فخامة من مكتبه..
استلقت على كرسيها المريح...بدأت تقرأ الورق الموجود على مكتبها...رغم صغر سنها الا انها تجيد عملها و باحتراف..
مرام (السكرتيرة):انسة نسرين...المحامي جه..و طالب حضرتك
ها هو الوقت الحاسم...وقت اعلان كل شئ...سيتم اعلانها رئيسة مجلس ادارة...لكن يجب ان تكمل الوصية المتروكة لها..و التي ستعرفها بوجوده..كبوس حياتها الأكبر..امير!
..
جلست بين عدد مهول من الشركة...الكل منتظر الحسم في هذا الأمر..الكل جالس بصمت مريع...الا هو ..لم تختفي الأبتسامة من بين شفتيه لوهله...كأنه يعرف ماذا سيحدث..بدأ يتحدث بثقة ممزوجة بالغرور
امير: زي ما انتوا عارفين النهاردة 28 فبراير...يعني قبل يوم الحادثة بيوم...استاذ مدحت هيبلغكم بالوصية و القرار حالا
ظل الكل مترقب هذا المدحت ان يتكلم...ان يعلن السلام او ان يعلن الحرب...
 استاذ مدحت:طبعا استاذ اسلام تحت السن القانوني...و مش هيبقى جدير انه يمسك الشركة...ف الشركة واقعة ما بين استاذ امير و انسة نسرين....و القرار  كالأتي ............
____________________________________
هاي :)
اخباركوا ايه؟
ايه رأكوا في البداية..؟
و تفتكروا ايه باقي الوصية؟
VOTE&COMMENTPLZ
ENJOY <3

لحني الخاصحيث تعيش القصص. اكتشف الآن