--وثائق المعاهدة البحرية--

30 4 0
                                    

ملاحظة: القصة تم سردها من طرف د. واطسون
____________________________________

خلال سنوات دراستي المدرسية ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بفتى اسمه بيرسي فيلبس ، وكان في مثل عمري بالرغم من أنه كان يسبقني بعامين دراسيين ، إذ كان ولداً عبقرياً حتى إنه حصل على كل الجوائز التي تقدمها المدرسة ، ثم أنهى مآثره بحصوله على منحة دراسية أرسلته إلى جامعة كامبردج لإكمال مسيرته الناجحة . وبالإضافة إلى ذلك فقد كان عدد من أقاربه من ذوي النفوذ ، حتى عندما كنا أولاداً صغاراً أن خاله هو اللورد هولد هورست السياسي المحافظ العظيم ، ولكن هذه العلاقة المبهرة لم تفده في المدرسة إلا قليلاً ، بل على العكس ، فقد كنا نستمتع بمطاردته عرفنا حول الملعب ونحن نضربه بعصي الكريكيت ! لكن الأمر تغير حين خرج إلى الحياة العملية ؛ فقد سمعت أن قدراته وعلاقاته قد مكنته من الالتحاق بمركز جيد في وزارة الخارجية ، وبعد ذلك نسيته تماماً حتى وصلني الخطاب التالي ليذكرني بوجوده : ، منزل برياربري ، ووكنغ عزيزي واطسون ، لست أشك أدنى شك في أنك ستتذكر الضفدع الصغير فيلبس ، ذلك الذي كان في الصف الخامس عندما كنت أنت في الصف الثالث ، ومن الممكن أن تكون قد سمعت أنني قد حصلت على مركز جيد في وزارة الخارجية بفضل نفوذ خالي ، وأنني كنت محل ثقة واحترام حتى دمر سوء حظ رهيب مسيرتي العملية فجأة ! لا فائدة من كتابة تفصيلات هذا الحادث الفظيع ، حيث إنني من المحتمل أن أضطر إلى سرد الأحداث عليك إذا استجبت إلى طلبي . لقد تعافيت لتوي من حمى في الدماغ استمرت لمدة تسعة أسابيع ، وما زلت ضعيفاً لدرجة كبيرة ، فهل تظن أن باستطاعتك إحضار السيد شيرلوك هولمز إلى هنا ليراني ؟ ف ؟ فأنا أحب أن أعرف رأيه بهذه القضية ، بالرغم من تأكيد السلطات لي بأنه لا جديد يمكن عمله ، فأرجو منك أن تحاول إحضاره بأقرب وقت ممكن ، فكل دقيقة تمر علي وأنا في هذه الحالة من الترقب الفظيع تبدو كساعة طويلة . وأرجو أن تؤكد له أنني إن لم أكن قد سعيت لطلب نصيحته قبل الآن فقد كان ذلك لأنني كنت في غيبوبة منذ وقوع النكبة وليس لأنني لا أقدر مواهبه ، أما الآن فقد بدأت أستعيد رشدي ثانية ، ولكنني لا أجرؤ على التفكير في الأمر كثيراً خوفاً من حدوث انتكاسة . أنا ما زلت ضعيفاً حتى إنني أكتب إليك عن طريق الإملاء كما ترى . أرجو أن تحاول إحضاره . زميلك القديم في المدرسة : بيرسي فيلبس مس هذا الخطاب مشاعري وأنا أقرؤه ، إذ كان في رجائه المتكرر بإحضار هولمز شيء مثير للشفقة ، وقد بلغ من تأثري أنني فكرت بتنفيذ هذا الطلب رغم صعوبته . كنت أعلم بالطبع أن هولمز يحب فنه العقلي ، ولذلك فهو مستعد دائماً لتقديم المساعدة بنفس درجة استعداد عملائه لتلقيها ، وقد وافقتني زوجتي على أن لا أضيع دقيقة أخرى قبل عرض الأمر عليه ، وهكذا وجدت نفسي متجهاً إلى المسكن القديم في شارع بيكر مرة أخرى بعد الإفطار بساعة . كان هولمز جالساً إلى طاولته مرتدياً رداءه المنزلي وهو يعمل بجد في تجربة كيميائية ، وقد راح إناء كبير ذو أنبوب تقطير يغلي بشدة على الشعلة الزرقاء لموقد البنزين ، والقطرات المرشحة تتكثف في قدر سعته لتران . بالكاد رفع صديقي رأسه عندما دخلت ، وعندها أدركت مدى أهمية تجربته ، فجلست في مريح ذي ذراعين وانتظرت فيما كان هولمز يأخذ بضع قطرات من هذا الإناء أو ذاك بماضته الزجاجية ... وأخيراً قرب إلى الطاولة أنبوب اختبار يحتوي على محلول ، وكان ممسكاً بورقة عباد الشمس في يده اليمنى وقال

مغامرات شيرلوك هولمز --المعاهدة البحرية--حيث تعيش القصص. اكتشف الآن