"أريد أن أحبك، سيدتي
حتى أمتطي عربة الوقت
وأغير التقاويم
وأعيد تسمية الشهور والأيام
وأضبط ساعات العالم
على إيقاع خطواتك
ورائحة عطرك
التي تدخل إلى المقهى
قبل دخولك"
نزار قبّاني.
جلست في مقهى غوايتي كعادتي في تمام الساعة الثانية عشرة ظهرا، أستمد من هذه الجلسة الكثير من أفكار قصصي وأشعاري، قد ألمح طرفة عين توحي لي بقصيدة غزل ناعمة، وقد أصادف انحناءة جسد تؤجج براكين شبقي فأكتب قصيدة شعر ضارية الشوق.
في مرة كتبت عن مرأة مسكينة كانت تحمل على ذراعها طفلا، تجوب أنحاء شوارع الحمرا بحثاً عن بضع ليرات لتقتات بها، كتبت عنها أصدق أشعاري الماجنة، ففي دنيا الشعر لا قوانين، ولا رحمة، ولا مبادئ، إنما خيالات، وخيالات والمزيد من الخيالات.
مقهى خيالاتي وغوايتي - كما قلت - يقبع في زاوية من زوايا الحمرا، تسكنه عفاريت الأفكار وغانيات الأحلام، وجدت به منبعاً لا ينضب من بذور الحب المبعثرة على جوانب الطريق تنتظر زخات من عواطف هوجاء ليغدو الرصيف حديقة مملوءة بزهور الشوق والعشق. طرق الحمرا دائما مكتظة بالناس، ومن هؤلاء أستطيع ارتشاف الكثير من عبق الحب، لا أسعى للاستماع إلى رواياتهم، يكفيني النظر في وجوههم لأقرأ صفحات من تعابيرهم وأشواقهم، آلامهم وابتساماتهم، لست بقارئ للفنجان، ولست طبيبا نفسيا، ما أنا إلا هاوٍ في دنيا الخيالات، عالم بلا نهايات، لم أكن لأتخيل، أنا الهارب من شوارع الرياض وبنات الرياض وأقنعة الرياض، أن يلحق بي قدري إلى بيروت، أيكون شوقي للحجاب الأسود سببا للهاثي البدائي خلفها ؟
طلبت فنجان قهوتي، غازلت النادلة وداعبتها، واستقبلت ابتسامتها الخجلى بكثير من الارتياح، وازدادت لترات غروري الذكوري في دمي.
كثيرا ما خدمتني أشعاري وكتاباتي، تعلمت من تجاربي الكبرى في الحياة كيف أحب بمجون عاشق وقلب ملاك، تعلمت كيف أغازل بصفاقة واحترام معا، فجسد الأنثى خلق للغزل والحب والارتقاء من حالة الدينونة التي نعيشها بكل لحظة وواقعية، وتقبلني العالم العربي، أحبتني النساء، استطعت إرضاءهن جميعا، ومن استطاع في أي من الأزمنة؟
لا أذكر اسما اتفق النساء على حبه والولع به كنزار قباني وعبدالحليم حافظ، أنا عبدالحليم ونزار القرن الحادي والعشرين، أحبتني العذراء والمتزوجة، أحبتني الأم والماجنة. أحبتني الجميلة والأرملة، ورسمت بقلمي كل ملامح الأنثى، طبعا كل هذا لأنني أحبها، أحب الأنثى، أحب كل ما وضع فيها من جمال. رقة. عذوبة. صدق. ولاء. سذاجة. النساء السعوديات، أحببت فيهن تفانيهن، وصبرهن، قوتهن، إيمانهن بأن لكل بداية نهاية، كنت أجزم بأنه لا يوجد انثى قبيحة، فمن القبح أيضا يخلقن الجمال لكل امرأة جمالها الخاص، ولكل فولة كيال - كما يقول المثل الشهير - وأنا أشهر الكيالين وأكرمهم.
أنت تقرأ
سبعة أيام
Romanceسيدة الحمرا.. أريدكِ وأشتهيكِ ليس كما يشتهي الرجل المرأة، بل كما تشتهي التربة الماء، وكما تشتهي العين النور، وكما يشتهي القلب الحياة، لي رجاء واحد.. حين ترحلين أعيدي لي كياني وذكرياتي وغروري...