اليوم السادس

20 2 0
                                    

وأنا في المقعد محترق

نيراني تأكل نيراني

أأقول أحبك يا قمري؟

آه لو كان بإمكاني

فأنا لا أملك في الدنيا

إلَّا عينيك وأحزاني

"نزار قبّاني"

استطاعت أن تجعل مني حبيبا وعاشقا، أنا الذي امتهنت الحب ونسيت معانيه، فأهنته، جربت الحب مرة واحدة وفشلت، بعدها آمنت بأن الحب مجرد كلمة من حرفين، وضعها البشر، اخترعوها وصدقوها، حاكوا الأقاصيص حولها، فجعلوا من غموضها طعما لكل ساذج، بالنسبة لي، الحب وهم، الحب يعادل الجنس، رغبة حيوانية بحت، حالة تنتهي بكل بساطة، عكس ضراوة بدايتها، ثم أتت، بعد سنين طويلة من النكران، جعلتني أرى الحب مجسدا، جليا، صادقا، فقد أحببتها، كيف للحب أن يكون وهم،

وهي أمامي، كيف له أن يكون غريزة حيوانية، وهي كانت في حضني بالأمس دون أن تخالجني شهوة امتلاك جسدها، باختصار، قلبت عقائدي رأسا على عقب..

نظرت من النافذة كي أتأكد من الطقس قبل خروجي، لا كي آخذ

المظلة، بل لآخذ معطفي الجلدي، المعطف الذي لمسها ولمسته، ظللها وظللني، لا أستطيع أن أقول إننا لم نحي معا تحت سقف واحد، كان بيتنا شارع الحمرا، وسقفنا المعطف.

كان الهواء يتلاعب بأغصان الأشجار وأوراقها، تارة يصفعها وتارة يتهادى بدلال بينها فتتمايل غنجا وخجلا، حبيبتي أجمل من الطبيعة وأسرارها، بلهفتي اليومية انطلقت فرحا نحو جزيرتنا، أم أقول مخبئنا؟

هناك أشعر بأننا بعدنا عن العالم بأسره، لا أرغب أن أدعوها لأي مكان آخر في العالم، إلا قلبي، سألت سعادتي، هل أنت السعادة الحقيقة؟ أم أنك وهم من نسج خيالي؟ كيف للإنسان أن يصل لقمة الرضا والفرح وهو على دراية تامة بأنها وقتية؟ لم يتبق إلا اليوم ويوم الغد، ما الفائدة؟ بدأ شعوري بالسعادة يضمحل ويحل مكانه حزن وقلق ومرارة، هززت رأسي كي أطرد أفكاري السوداء، لماذا أقول لم يبق سوى اليوم والغد؟ سأقول هناك اليوم والغد، فالفرق كبير.

حين وصلت إلى المقهى تلفتت حولي أبحث عنها، كأن كل أهالي بيروت يسكنونه إلا هي، أين الأمس من اليوم؟ بالأمس لم يكن سوانا، واليوم الكل حاضر عدانا، ذهبت أجالس ركني ويجالسني، لعلها تظهر في أي لحظة، وانتظرت، وانتظرت، انقضت ساعة ولم تأت، وانتظرت أيضا، ولم تأت، ضاق بي الصبر والانتظار، نهضت متجها لها، ميمما شطري نحوها.

سبعة أيامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن