مقدمة
...........
-هل لي بلحظة من وقتك لو سمحتِ ؟
خرجت نورا من أفكارها على صوت شاب يقف بالقرب منها , لم يبدو عليه أنه أحد زملائها في الكلية , فمن ملابسه والسيجارة ذات النوع الغالي جدا بين أصابعه إضافة لمنظره الأنيق جدا ببذلته الراقية ذات التفصيل الممتاز , وشعره المسرح بعناية للخلف , بدا أحد أولئك الرجال الذين يظهرون بالصحف , ويبدو انه في منتصف الثلاثينات , لذا لا .. ليس أحد زملائها في الكلية ...
كانت تجلس وحدها على أحد الطاولات المنتشرة في حديقة المدينة تنتظر فطائرها حتى تصل لتتناولها وقد أخد الجوع حده فمعدتها تزمجر باستياء , ومع ذلك وجدت نفسها تومئ بنعم , ليسحب الكرسي المقابل لها , ثم بنبل أبعد نظارته عن عينيه , لينظر لها بشكل مباشر معرفا عن نفسه
-عادل العمري ..
ابتسامته جعلتها ترفع حاجبيها باستغراب تميل برأسها متسائلة
-هل يفترض أنني أعرفك ؟
صوتها ناعم جدا كما توقع لذلك هنّأ نفسه على حسن اختياره بقي عليه الجزء المهم من كل الأمر وهو إقناعها في العمل معه ..
ضحك على شكلها الفضولي وهز رأسه نافيا , لم يكونا في مطعم حتى يأتي أحدهم ليسأله عن طلبه فكر أنه كان عليه شراء القهوة قبل أن يقتحم عزلتها ومع ذلك , منحها بطاقة عمله الخاص لتدرك على الأقل نوعية عمله قبل أن يعرض عليها الأمر , فلا يريد أن يثير ذعرها فتهرب منه بعد أن قضى أياما وهو يتفرس في وجه كل فتاة يراها باحثا عن طلبه المنشود , أبعد ألوانها قليلا عن الطاولة حتى يتسنى له وضع يده بينما يشرح ما يريده , وحتى يصل لمنفضة السجائر على الطاولة ,
-ربما يزعجك تطفلي لكن سأشرح لك مأ اريده ..
-أرجوك ..
طالبته بلطف , وعدم فهم حقيقي , فما الذي يريده عادل العمري ( المخرج ) منها ليس وكأنها سمعت به من قبل فقليل جدا ما تتابع التلفاز و حتى الأغاني كانت تهوى سماع مقطوعات موسيقية , بيانو مثلا أو غيتار وحتى العود , وما تسمعه من الأغاني كان محدودا بـأديل وبعض مؤدي الفرق الكورية لكونهم يجعلونها تضحك كما أنهم لطفاء كما تظن ..
-أنا أبحث عن وجه جديد لإعلان من نوع خاص ..
رفرفت جفنيها بابتسامة مترددة لا تفهم ما يريده منها
-ما رأيك ؟
سألها مشيرا عليها لتومض بغباء دون أن يصل إليها ما يقصده بكلامه
-هل تريدين أن تكوني هذا الوجه الجديد ؟
بمنتهى الموضوعية سأل وبكل جدية , بينما ببلاهة أشارت على نفسها
-أنا !
باستنكار همست ضاحكة
-لا أظن ذلك عائلتي لن توافق ...
-لحظة ..
قبل أن تكمل اعتراضاتها التي بدأتها للتو , قرر أن يقول ما لديه
-أريد منك أن تفكري جيدا بما سأقوله ..
هزت رأسها رافضة سماعه , فلا يوجد ما قد يجعلها تتأمل فرحا بعرض كهذا وهناك احتمال كبير جدا بأن يرفض والديها الأمر , لذلك لا يناسبها عرضه مهما كان ..
-رجاء اسمعيني ..
طلب منها بلطف رافعا يده ليسكت اعتراضها القادم ..
-فتاة الإعلان ستكون مجهولة الهوية , إن كانت عائلتك ستقلق من هذه الناحية فقد يخدمنا أن تظل هويتك مجهولة بحيث نجعل منك وجها حصريا للوكالة , نوع من الغموض عن الفتاة التي اختارت التعامل مع مجموعة خير بك ..
رفع يداه شارحا مدى فخامة الأمر وكيف سيبدو لكن لا يبدو أنها فهمت حرفا مما يقوله .. رغم أن اسم المجموعة بحد ذاته قد لفت انتباهها ومن لن يفعل ذلك !
مجموعة خير بك للسيارات هي الأكبر والأشهر على مستوى البلاد كما أنها عائلة رجالية بامتياز فقلّما حظت تلك العائلة بالبنات , بل تتكون من مجموعة رجال وشباب وحتى أطفال في منتهى الوسامة , حلم كل فتاة إن صح القول ...
-إن أردت يمكنك ألا تنطقي بحرف واحد حتى في الإعلان ولن يعرفك أحد ثقي بي عندما أقول ذلك ..
بعد أن أخذ رقمها مستغلا انبهارها بالأمر ودعها على أمل التواصل لاحقا
وقد ظلت لبعض الوقت غارقة في أفكارها , أكلت فطائرها بشرود وقد طارت فكرة الرسم تماما من عقلها , مجموعة خير بك كانت تشغل بالها حاليا أكثر من أي شيء آخر , كانت تعرف بعضا من أخبارهم , ملهم كان الشاب الوحيد الأعذب في العائلة لم تنتشر أي أخبار عن علاقاته بعد , ترى هل سيكون هو المسؤول عن الإعلان ؟
كم تتمنى ذلك فهو الألطف في العائلة , أما البقية وحسب الشائعات فهم قساة الطبع والمظهر على حد سواء , هذا إن وافق والداها على الأمر بداية الأمر ..
.................
أنت تقرأ
لعلي ألقى ... عيناك
Romanceما نخفيه وما يعلمه الآخرون عن حياتنا... تلك التفاصيل الصغيرة التي تغيرنا دون أن نشعر ... كيف ستكشف نورا أنها حقا تحبه !